يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٨) وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (٩)
____________________________________
يَشاءُ) ممن قبل البلاغ والرشاد ، فإنه سبحانه يلطف به الألطاف الخفية (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ) يا رسول الله ، ومعنى ذهاب النفس هلاكها ، أو شدة حزنها وغمها ، حتى تكون كالهالكة (عَلَيْهِمْ) أي على هؤلاء الكفار (حَسَراتٍ) منصوب على المصدر ، أي لا تذهب نفسك تتحسر عليهم حسرات ، والحسرة شدة الحزن على ما فات ، أو يفوت من الأمر المرغوب فيه (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) من الكفر والعصيان ، ومثل هذا الإنسان المعاند ، لا يستحق أن يتحسر الرسول عليه.
[١٠] ثم يرجع السياق إلى أدلة الألوهية والتوحيد ، في قبال الكفار والمشركين (وَاللهُ) هو (الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) بخلقها ، أو تصريفها من هنا إلى هناك (فَتُثِيرُ) أي تهيج الرياح (سَحاباً) المراد به الجنس ، لا الفرد (فَسُقْناهُ) أي سقنا السحاب (إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) مات زرعه ، وجفّت أنهاره (فَأَحْيَيْنا بِهِ) أي بسبب ذلك السحاب الماطر (الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) بالجدب ، وعدم النبت ، بأن أنبتنا فيها الكلأ ، بعد أن لم يمكن (كَذلِكَ النُّشُورُ) أي كما حييت هذه الأرض الجدبة الميتة كذلك نشور البشر وحياتهم بعد الموت ، فإن الله القادر على إحياء الأرض ، قادر على بعث الإنسان ، ونشوره بعد أن مات.
[١١] إن الكفار لا يؤمنون خوفا من ذهاب عزتهم الدنيوية ، حيث يطردهم المجتمع الكافر ، لكن اللازم أن لا يمنع الإنسان هذا عن الإيمان ، فإن العزة لله سبحانه ، وإذا أراد الإنسان ببقائه على الكفر ، أن تسمع له