وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣)
____________________________________
الله منهم أحد ، ولا ينجو من بأسه كافر (وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) وهو القبر ، فمكانهم ليس بعيدا على الله يحتاج في أخذهم إلى صعوبة ، وطول مدة ، كما يكون كذلك بالنسبة إلى حكام العالم ، حيث يبتعد منهم المجرمون ، فيكون في أخذهم لهم صعوبة وطول مدة ، وجواب «لو» محذوف ، أي لو رأيت ذلك لرأيت أمرا فظيعا مهولا.
[٥٣](وَقالُوا) أي قال الكفار حين ذاك (آمَنَّا بِهِ) أي آمنا بالله والرسول وما جاء به (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) أي من أين يكون لهم الانتفاع بإيمانهم هناك ، والتناوش بمعنى التناول ، أي لا يتمكنون من تناول الإيمان المفيد لحالهم (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) فالدنيا قد ابتعدت عنهم ، والإيمان المفيد كان في الدنيا لا في الآخرة ، ومن أين لهؤلاء أن يتناولوا الإيمان النافع الذي خلّفوه وراءهم في الدنيا؟ وهذا على ضرب من الاستعارة اللطيفة.
[٥٤](وَقَدْ كَفَرُوا) أي هؤلاء الكفار (بِهِ) أي بالإسلام والدين (مِنْ قَبْلُ) في الدنيا (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) أي أنهم يقولون لا جنة ولا نار ، وذلك غيب بعيد ، وإنما قولهم ظن ، والمعنى أنهم يرجمون الظن بالمكان الغائب عن حواسهم ، وهم بعيدون عنه ـ والمراد بذلك المكان الآخرة ـ فكما أن الحجارة إذا رجمت من البعيد في مكان غائب لا يراه الراجم ، لا تصيب الهدف ، كذلك ظن هؤلاء بالنسبة إلى الآخرة.