إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢) وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا
____________________________________
إِذْ جاءَكُمْ)؟ يقولون ذلك ، على نحو الاستفهام الإنكاري ، أي إنّا لم نصدكم ، ولم نمنعكم ، إذ لم تكن سلطة لنا عليكم (بَلْ كُنْتُمْ) أنتم بأنفسكم (مُجْرِمِينَ) تبتّون الباطل ، وترغبون عن الهدى والحق ، فليس علينا تبعة ذنبكم ، وإنما على أنفسكم.
[٣٤](وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) أي الأتباع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) أي المتبوعين من الأشراف إنا لم نك بأنفسنا ، وإنما أنتم صددتمونا عن الهدى (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي ما كنتم تمكرونه ، ليلا ونهارا هو الذي منعنا عن قبول الحق ، أي تدبيراتكم الخفية ، وإلقاءاتكم علينا هي التي وقفت دون إيماننا (إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً) جمع ند ، وهو المثل والضد ، أي كنتم تقولون لنا ، اجعلوا لله شركاء (وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) أي أخفوا ندمهم عن أعمالهم السابقة ، فلم يظهروا أنهم نادمين خوف الفضيحة (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) فإن الإنسان في حال الحزن الشديد ، لا يتكلم ، وإنما تظهر عليه ملامح الندم ، ساعة مندم (وَ) بعد ذلك ، يقدمون للعذاب ، ف (جَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) بأن يغلّون في النيران ، كما قال سبحانه (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) (١) وهنا يأتي الاستفهام ليبين أن ذلك جزاء
__________________
(١) الحاقة : ٣٣.