وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٢١) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ
____________________________________
[٢٢](وَ) الحال أن الشيطان (ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ) أي على قوم سبأ (مِنْ سُلْطانٍ) أي سلطة ، وولاية يتمكن من جبرهم ، وإنما كان يلقي إليهم ، ويوسوس في صدورهم ، وبهذا فقط باعوا دينهم ودنياهم ، وحيث أن هنا يختلج سؤال أنه كيف مكّن الله إبليس عليهم؟ قال سبحانه (إِلَّا لِنَعْلَمَ) أي لم يكن تمكينه منهم ، إلا لأجل أن يقع معلومنا في الخارج ، فقد سبق ، أن العلم إنما يتحقق بكماله ، إذا كان هناك معلوم خارجي ، فقولنا : علم الله ، بمعنى أن معلومه صار خارجيا ، وإن كان يعلم الأشياء من الأزل (مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ) عبّر عن المؤمن بذلك ، للتلازم بين الإيمان بالله والرسول ، وبين الإيمان باليوم الآخر (مِمَّنْ هُوَ مِنْها) أي من الآخرة (فِي شَكٍ) فلا يؤمن بالآخرة ، والحاصل أن يتمكن الشيطان منهم ، كان لأجل الاختبار والامتحان ، ليستحق المؤمن الثواب ، والكافر العقاب (وَرَبُّكَ) يا رسول الله (عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) يحفظ ما عملوا ليجازيهم بأعمالهم.
[٢٣] وإذ تمت قصة سبأ ، يأتي السياق إلى المقصد الذي سيقت له تلك القصص من الإيمان بالله ، وجاءت القصص لبيان عاقبة المؤمن والكافر (قُلِ) يا رسول الله لهؤلاء الكفار (ادْعُوا) الأصنام (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) أنهم آلهة (مِنْ دُونِ اللهِ) فانظروا ، هل يستجيبون لكم ، وهل يكشفون ضركم؟ كلا : إنهم (لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) أي مقدار