وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠)
____________________________________
وَعَدَسِها وَبَصَلِها) (١) (وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بارتكاب الكفر والمعاصي ، فأخذناهم بكفرهم (فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) لمن بعدهم يتحدثون بأمرهم وشأنهم ويضربون بهم المثل ، فيقولون «تفرقوا أيادي سبأ» إذا أرادوا أن يبينوا تشتت جماعة أكبر تشتت (وَمَزَّقْناهُمْ) أي فرقناهم (كُلَّ مُمَزَّقٍ) كل تفريق ، وذلك تشبيه بالثوب الذي يمزق في مختلف جوانبه ، فقد تفرق أهل سبأ في مختلف البلاد ، وذهبت نعمهم جميعا (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي تقدم من قصة قوم نعمتهم وكفرهم ونقمتهم (لَآياتٍ) دالة على الأسباب والعلل ، لترقي الأمم وانحطاطها (لِكُلِّ صَبَّارٍ) كثير الصبر (شَكُورٍ) كثير الشكر ، فإن من يصبر عند البلاء ويشكر عند الرخاء ، يعرف سبب النعمة والنقمة ، ويعرف كيف يعالج النعم للبقاء ، وكيف يواجه بالصبر البلاء ، أما غيره ، فإنه يرى الآيات حتى يعرف المسببات من الأسباب.
[٢١](وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ) أي على قوم سبأ (إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) أي جعلهم موردا لظنه ، الذي قال (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٢) فصدّق الظن عليهم ، حيث أغواهم وأبعدهم عن الطريق (فَاتَّبَعُوهُ) أي اتبع قوم سبأ إبليس فيما أمرهم من الكفر والعصيان (إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) «من» للتبين أي جماعة منهم فقط لم يتبعوه ، وإلّا فالباقون اتبعوا الشيطان.
__________________
(١) البقرة : ٦٢.
(٢) ص : ٨٣.