لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ
____________________________________
[١٦] وإذ تمت قصة داود وسليمان عليما السّلام أتى السياق ، لبيان قصة قوم سبأ ، وما وصلت إليه حالتهم لأجل كفرانهم للنعمة ، في مقابل ما سبق من قصة داود وسليمان ، وآلهما ، وما وصلت إليه حالتهم لأجل شكرهم للنعمة (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ) أي لتلك القبيلة المسماة باسم سبأ ، التي كانت تسكن في جنوبي اليمن ، كان لهم في محل سكناهم آية دالة على لطف الله وفضله ، فقد ارتقى القوم ، في مراقي الحضارة ، حتى تمكنوا أن يصنعوا من بعض الجبال ، خزانا كبيرا من الماء ، بإقامة سدّ ، يسمى «سد مأرب» أمام الماء ، فكان يسقي أراضيهم ، حتى أن المار إليهم ، يرى في الطريق بساتين متصلة ، وقد فسر سبحانه «آية» بقوله (جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) أي يمين الماء وشماله ، وقيل لهم (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ) الأمر للإباحة ، أي أبحنا لكم هذا الرزق الطيب العميم (وَاشْكُرُوا لَهُ) أي لله سبحانه ، فبلدتكم (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ) كثيرة الفواكه والأرزاق طيبة الماء والهواء (وَرَبٌّ غَفُورٌ) أي أن إلهكم إله يغفر الذنوب ، ويستر العيوب.
[١٧](فَأَعْرَضُوا) عن الدين ، وانحرفوا في طرق الضلال (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) واحدهما عرمة مأخوذة من عرامة الماء ، وهي ذهابه كل مذهب ، أي السيل العظيم الشديد ، وقد قال بعض المفسرين : «إن الماء كان يأتي أرض سبأ ، من أودية اليمن ، وكان هناك جبلان ، يجتمع ماء المطر والسيول بينهما ، فسدوا ما بين الجبلين ، فإذا احتاجوا إلى الماء