أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ
____________________________________
[١٢] وقد قلنا لداود عليهالسلام (أَنِ اعْمَلْ) بالحديد دروعا (سابِغاتٍ) جمع سابغة ، بمعنى التامة الوسيعة ، ومنه سبوغ النعمة بمعنى وسعتها (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) أي عدّل في نسج الدروع ، فإن السرد هو نسج الدرع مأخوذ من سرد في الكلام إذا تابع بعض جمله بعضا ، والمراد بالتقدير جعل حلق الدرع متناسبة بقدر وشبه ، فلا تكون بعضها وسيعة ، وبعضها ضيقة ، روي عن الصادق عليهالسلام : «أن الله أوحى إلى داود ، نعم العبد أنت ، إلا أنك تأكل من بيت المال ، فبكى داود أربعين صباحا ، فألان الله له الحديد ، وكان يعمل كل يوم درعا ، فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمائة وستين درعا ، فباعها بثلاثمائة وستين ألفا ، فاستغنى عن بيت المال» (١) (وَاعْمَلُوا) خطاب لداود وآله (صالِحاً) أي عملا صالحا ، والمراد به الجنس (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أرى أعمالكم فأجازيكم عليها.
[١٣](وَ) سخرنا (لِسُلَيْمانَ) بن داود عليهالسلام (الرِّيحَ) فكان يجلس على بساط ، فتحمله الريح ، فإن الشيء إنما يسقط ، لأن الهواء والريح تنخرق من تحته ، أما كبت الهواء بعضه في بعض كالهواء المكبوس في الزق ، لم تنخرق حتى يسقط ما يعلوها (غُدُوُّها) أي حركة الريح في الغدوة ، وهو الصباح (شَهْرٌ) فإذا تحركت بسليمان صباحا ، سارت به مقدار ما يسير الإنسان في مدة شهر هلالي (وَرَواحُها شَهْرٌ) أي
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ج ٦ ص ٣٢٦.