وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (١٢) يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ
____________________________________
وكانت تسير بسليمان عصرا ، مقدار شهر من الزمان ، فكانت في كل يوم تسير مقدار شهرين (وَأَسَلْنا) من الإسالة بمعنى الإذابة ، حتى يكون للشيء سيلان كالمائعات (لَهُ) أي لسليمان عليهالسلام (عَيْنَ الْقِطْرِ) أي أذبنا له عين النحاس ، والمراد بالعين معدنه حتى يتمكن من استعماله في الظروف والأواني ، وما أشبه من الأشياء النحاسية (وَ) سخرنا لسليمان عليهالسلام (مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) كالعبد المطيع (بِإِذْنِ رَبِّهِ) فقد أمر الله سبحانه الجن ، أن تكون مسخرة بأمر سليمان تعمل في حوائجه (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ) من زاغ إذا انحرف وعصى ، أي من كان يعصي من الجن (عَنْ أَمْرِنا) الذي أمرناهم به من إطاعة سليمان ، فلم يكن يطيعه فيما يأمر (نُذِقْهُ) أي نذق ذلك الجن العاصي (مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) أي عذاب الدنيا ، بأن كان سليمان يؤدبه ، وسمي سعيرا تشبيها ، أو من عذاب النار في الآخرة ، وسمي سعيرا ، لاستعار النار واشتعالها.
[١٤](يَعْمَلُونَ) أي الجن (لَهُ) أي لسليمان عليهالسلام (ما يَشاءُ) صنعه وعمله (مِنْ مَحارِيبَ) جمع محراب ، ولعل المراد بها المساجد ، وإنما سمي محرابا ، لأنه محل المحاربة مع الشيطان والنفس (وَتَماثِيلَ) جمع تمثال ، وهو الشيء المصنوع ، من معدن ، أو طين ، أو حجر ، أو خشب ، شبه شيء آخر ، كتماثيل القصور والأشجار والأنهار وغيرها ، قال الصادق عليهالسلام : «والله ما هي تماثيل الرجال والنساء ، ولكنها