الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (٢) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (٣)
____________________________________
الرَّحِيمُ) بعباده ، وسائر خلقه (الْغَفُورُ) يغفر ذنوبهم ويستر عيوبهم.
[٤] فالكون إذن كله بيده ، ورهن إشارته ، وبقدرته سبحانه ، جعل المعاد ، كما بقدرته خلق الخلق (وَ) مع ذلك يرى الناس من ابتداء الخلقة (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) وأنكروا البعث (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) من باب السالبة بانتفاء الموضوع ، يعني لا قيامة أصلا حتى تأتينا (قُلْ) لهم يا رسول الله (بَلى) تأتيكم (وَرَبِّي) أي وحق الله الذي أوجدني وخلقني (لَتَأْتِيَنَّكُمْ) القيامة بكل تأكيد ، وليس الحاكم هناك كالحكام هنا أناسا لا يعلمون ما صدر من المحكومين ، بل الحاكم هناك (عالِمِ الْغَيْبِ) يعلم كل ما غاب عن الحواس ، فكيف بالأشياء الظاهرة البارزة؟ (لا يَعْزُبُ عَنْهُ) الغروب ، كالغروب لفظا ومعنى ، أي لا يفوته (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) أي ما كان في الثقل بقدر الذرة ، وهي الهباءة ، التي ترى إذا دخلت الشمس في مكان مظلم من كوّة صغيرة (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) فإنه عالم بكل ذلك (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ) من مثقال ذرة (وَلا أَكْبَرُ) منه (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) أي كتاب واضح لديه سبحانه ، وهذا كناية عن علمه بذلك كله مع تفنن في تعبير العلم ب ـ لا يغرب ـ مرة ، وب ـ في كتاب ـ أخرى ، والمراد بالكتاب إما اللوح ، أو علمه سبحانه تشبيها ، أو ما يكتبه الملائكة الحفظة.