الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١) يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ
____________________________________
[٢](الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي أن جنس الحمد له سبحانه ، إذ جميع المحامد راجعة إليه (الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) «له» بالخلق ، والملك والتربية ، وغيرها ، والمراد الظرف والمظروف ، وإنما يذكر أحدهما تغليبا واختصارا (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) كما له الحمد في الأولى ، والمعنى أنه يستحق الحمد هنا وهناك ، لما يولي عباده من الجميل في الدارين ، ولذا يقول أهل الجنة «الحمد لله الذي هدانا لهذا» و «الحمد لله الذي صدقنا وعده» (١) (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في جميع أفعاله ، والحكمة هي وضع الأشياء مواضعها اللائقة بها تكوينا وتشريعا ، فمن يصنع عبثا أو يأمر عبثا لم يكن حكيما (الْخَبِيرُ) العالم المطلع على الأشياء ، فكل ما يعمل إنما هو عن علم وحكمة.
[٣](يَعْلَمُ) سبحانه (ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) الولوج الدخول ، أي يعلم ما يدخل في الأرض ، من مطر ، أو كنز أو ميت ، أو حبة ، أو ماء ، أو مائع ، أو غيرها (وَما يَخْرُجُ مِنْها) من زرع ، أو عين ، أو نبات ، أو جواهر ، أو حيوان ، أو غيرها (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من مطر أو رزق ، أو ملك أو شيطان ، أو جسم كالنيازك أو طير ، أو غيرها (وَما يَعْرُجُ) أي يصعد (فِيها) أي في السماء من ملك ، أو شيطان ، أو طير ، أو عمل ، أو نحوها ، فإن المراد بالسماء جهة العلو (وَهُوَ
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ص ١٩٢.