ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ
____________________________________
الناس؟ قال : انهزموا ، قال : فما بالك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك ، فقال أبو معمر : ما شعرت إلا أنها في رجلي ، فعرفوا يومئذ أنه لم يكن له إلا قلب واحد ، لما نسي نعله في يده (١) (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) فإن كل إنسان له قلب واحد ، وذكر الرجل من باب المثال ، وإلا فالمرأة والطفل كذلك فلا يمكن أن يكون للإنسان اتجاهان ، اتجاه نحو الإيمان ، واتجاه نحو الكفر ، فيطيع الكفار ويطيع الله في آن واحد (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي) جمع التي ، والمراد بالأزواج الزوجات ، فإن زوج يطلق على الرجل ، والمرأة (تُظاهِرُونَ مِنْهُنَ) أي تقولون لهن «أنت عليّ كظهر أمي» فقد كانت العرب تطلق نساءها بهذا اللفظ ، فلما جاء الإسلام أبطل الطلاق به ، وإنما جعله موجبا للكفارة كما سيأتي تفصيله ، وكأنهم كانوا يقصدون أن الزوجة صارت كالأم ، فكما تحرم الأم تحرم الزوجة ، التي قيل لها هذا اللفظ (أُمَّهاتِكُمْ) فالزوجة لا تكون أما ، وإن قيل لها ألف لفظ (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ) جمع دعي ، وهو ما كان مرسوما عند العرب ، أن يتخذ الرجل الرجل ابنا له فكان له ما للأب والابن في جميع المزايا الاجتماعية (أَبْناءَكُمْ) فإن التبني لا يجعل الأجنبي ابنا ، وإن تعارف الاجتماع على ذلك ، وقد أبطلت هذه الآية الكريمة عادتين ، كانتا عند العرب لم يرتض بهما الإسلام ، في أنظمته
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ص ١١٧.