وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤)
____________________________________
فإنهما يتلاقيان في الأصول والفروع ، إلا في اختلافات ، لا ترجع إلى جوهر الدين ـ وحال المؤمنين بالرسول ، حال بني إسرائيل ، فكما نصرنا موسى عليهالسلام وبني إسرائيل على أعدائهم ، ننصر الرسول والمؤمنين به على أعدائهم (وَلَقَدْ آتَيْنا) أي أعطينا (مُوسَى الْكِتابَ) أي التوراة ، وهذا كناية عن إرساله إلى القوم لهدايتهم (فَلا تَكُنْ) يا رسول الله (فِي مِرْيَةٍ) أي في شك (مِنْ لِقائِهِ) أي من الالتقاء بموسى في العقيدة والشريعة. وهذا كما يقال يتلاقى فلان وفلان في العقيدة ، وهذه الجملة كناية عن أول طريق الرسول طريق موسى ، فمصيره كمصيره ، في النصرة والغلبة على الأعداء (وَجَعَلْناهُ) أي الكتاب (هُدىً) أي هداية وإرشادا (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) فإنهم اهتدوا بالتوراة عن الضلالة والانحراف.
[٢٥](وَجَعَلْنا مِنْهُمْ) أي من بني إسرائيل (أَئِمَّةً) جمع إمام ، وهو المقدم في الدين (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) وإذننا لهم في الهداية ، فإنه لا يحق لأحد أن ينصب نفسه علما للهداية ، إلّا بإذن (لَمَّا صَبَرُوا) أي أن جعلهم أئمة ، بسبب صبرهم على المكاره وأذى الجهال ، وصمودهم في تطبيق أوامرنا (وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) لا يشكون فيها ، اللازم لو أن يعملوا على طبقها ، فإن صاحب اليقين يعمل صالحا ، ويترك السيئ ، وهذا تعريض بالمؤمنين بالرسول ، بأنهم إن صبروا وجعلناهم أئمة ، كما تقول لأحد ولدك : لقد أمرت ابني فلانا بكذا ، وأنت في نفس طريقه ،