تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)
____________________________________
[١٧] ومن صفاتهم أنهم (تَتَجافى) من التجافي ، وهو الابتعاد ، أي تبتعد وترتفع (جُنُوبُهُمْ) جمع جنب (عَنِ الْمَضاجِعِ) جمع مضجع ، وهو محل النوم ، أي أنهم يقومون بالليل لأداء الصلاة (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) ويناجونه (خَوْفاً) أي لأجل الخوف من عذابه (وَطَمَعاً) في ثوابه (وَ) هم (مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) في سبيل الله ، و «مما رزقنا» عام يشمل العلم ، والمال ، والجاه ، وغيرها. وهاتان الآيتان ، مشتملتان على السجدة الواجبة ، فإذا تلاهما الإنسان ، أو سمعها ، وجب أن يسجد.
[١٨] إن المؤمنين هم أولئك الذين ذكرت أوصافهم ، فلننظر إلى مصيرهم (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ) مؤمنة بالله ، عاملة للصالحات (ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) أي ما خبأ الله لهم من النعيم ، الذي يسبب قرة أعينهم ، الموجب لاستقرار العين ، رضا وطمأنينة ، في مقابل الإنسان الخائف الذي تتحرك عينه هنا وهناك ، ليجد ملجأ وملاذا ، وقد ورد أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : إن الله يقول أعددت لعبادي الصالحين ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وإنما أخفي للمؤمنين هذا النعيم العظيم (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الإيمان بالأصول ، والصالحات فإن الإيمان أيضا عمل ، أو على تغليب العمل على العقيدة ، لأنه أكثر منها عددا.
[١٩] ثم بين سبحانه ، إن التفاوت في الجزاء ، إنما هو للتفاوت بين الأعمال