هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥)
____________________________________
هذا) والتعبير بالنسيان ، باعتبار جعل الإنذار مهملا غير معتنى به ، كالناسي للشيء ، والمراد باليوم القيامة (إِنَّا نَسِيناكُمْ) أي أهملناكم ، ولم نعتن بكم ، لننقذكم من العذاب ، وإنما استعمل النسيان في الإهمال ، لعلاقة المشابهة (وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) أي العذاب الذي هو خالد ، لا زوال له بسبب ما (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من أنواع الكفر والعصيان.
[١٦] لقد رأينا الكفار ، وما صاروا إليه من العذاب الدائم ، فلنعطف النظر إلى المؤمنين ومصيرهم الكريم ، فمن هو المؤمن ، وما مصيره؟ (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا) يصدق بها ، ويتفكّر فيها ، ليستدل بها على الصانع وصفاته (الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها) بأن ذكرهم الرسول ، أو بعض المؤمنين بتلك الآيات ، بأن أروهم الآيات الكونية ، أو الآيات القرآنية ، ثارت فيهم غريزة الإيمان ف (خَرُّوا سُجَّداً) جمع ساجد ، أي ألقوا بأنفسهم على الأرض ، في هيئة الساجد بوضع جباههم على التراب تعظيما لله سبحانه ، وشكرا لنعمه (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي نزهوه عن النقائص ، بنحو الحمد والثناء الجميل ، فإن التنزيه ، قد يؤدى بالنحو السلبي ، كأن يقال : «فلان ليس بجبان» ، وقد يؤدى بالنحو الإيجابي ، كأن يقال : «فلان شجاع» فإنه تنزيه وحمد ، والأول ، لا يلازم الثاني ، بخلاف الثاني ، فإنه حمد وتسبيح (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) عن التواضع لله ، عملا بالسجود ، ولسانا بالحمد والثناء.