نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (١٢) وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ
____________________________________
الدنيا (نَعْمَلْ صالِحاً) كما تأمر (إِنَّا مُوقِنُونَ) قد تيقنا صدق كلامك ووعدك ، ولكن هل يرجعون؟ كلا! وهل يصدقون في أنهم لو رجعوا عملوا صالحا؟ كلا! إنها كلمة هو قائلها.
[١٤](وَلَوْ شِئْنا) أن نجبر الناس على الهداية (لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) أي أعطيناهم الهداية بالجبر ، بأن نلجأهم إلى الإيمان ، والعمل الصالح ، ولكن ذلك يبطل التكليف ، كما يبطل الثواب والعقاب ، ويكون الناس حينئذ ، كالحجارة ، التي لا مدح لها ولا ذم ، فإنما تفعل ، ما تفعل بالطبع والقسوة لا بالاختيار والرغبة (وَلكِنْ) لأن شاء ذلك ، وقد (حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي) أي ثبت ولزم ما قلته سابقا ، من إعطاء الاختيار للناس ، حتى يذهب بعض إلى الجنة ، ممن أطاع وآمن ، و (لَأَمْلَأَنَ) من ملأ بمعنى الإكثار من المظروف حتى يمتلئ الظرف ، ولا يكون له بعد مجال لأخذ الزائد (جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ) أي الجن (وَالنَّاسِ) الكفار والعصاة (أَجْمَعِينَ) وإنما ذكر هذا الشق ، من شقي الناس والجان ، لأنه محل الكلام ، فإن الحديث بالنسبة إلى المجرمين.
[١٥] وإذ يدخل النار الكفار ، من الصنفين يخاطبون من قبل الله سبحانه (فَذُوقُوا) العذاب ، والمذوق هو الإدراك بحاسة اللسان ، أو حاسة اللمس ، أو مطلق الحواس (بِما نَسِيتُمْ) أي بسبب نسيانكم (لِقاءَ يَوْمِكُمْ