ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٩) وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ
____________________________________
[٩](ثُمَّ جَعَلَ) الله سبحانه (نَسْلَهُ) أي ولده وذريته (مِنْ سُلالَةٍ) أي صفوة ، قد سلّت من غيرها ، ويسمى ماء الرجل سلالة ، لانسلاله من صلبه (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) أي حقير ، من هان ، بمعنى حقر ، والمراد به «المني» فإنه حقير مهان لرائحته وقذارته.
[١٠](ثُمَّ سَوَّاهُ) أي جعله بشرا سويا ، بإعطائه الآلات والحواس والأعضاء (وَنَفَخَ فِيهِ) أي في ذلك الماء الذي سواه (مِنْ رُوحِهِ) أي الروح الذي خلقه ، والإضافة تشريفية ، كإضافة البيت إلى الله سبحانه في قولنا «بيت الله» للكعبة والمسجد ، وحيث أن الروح جوهر لطيف عبر بالنفخ ، كما ينفخ الهواء في الزق (وَجَعَلَ) الله (لَكُمُ) أيها البشر (السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) جمع فؤاد ، وهو القلب ، وتخصيص هذه الأعضاء بالذكر ، لما يشاهد لها من الفوائد الجمة ، كما أن الإتيان بالسمع مفردا مرادا به الجنس ، بخلاف الأبصار والأفئدة ، جمعا للتفنن في الكلام ، الذي هو من أبواب البلاغة (قَلِيلاً ما) «ما» زائدة لتأكيد «قليلا» (تَشْكُرُونَ) نعم الله سبحانه.
[١١] وبعد ذكر المبدأ ، أتى السياق ، لذكر المعاد (وَقالُوا) أي من أنكروا البعث (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) بأن صرنا ترابا ، وتفرقت أجزاؤنا ، بحيث لا يقدر على تميزها من غيرها ، من أراد التمييز (أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)؟