وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (٤) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ
____________________________________
أموركم ، ويقدر ويدبر شؤونكم ، فإن الأصنام مخلوقة ، لا تملك لنفسها شيئا ، فكيف تملك لكم؟ (وَلا شَفِيعٍ) في إنجائكم من الهلكات الدنيوية ، والأخروية ، فإن الخلق ، والولاية ، والشفاعة ، كلها له وحده ، فإن أراد إنقاذ أحد أشار هو بشفاعة نبي أو عظيم ليشفع له ، كما قال (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (١) (أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) أيها البشر ، ما أودع فيكم من الفطرة الدالة على أن للكون إلها قويا يسيّره ، وليس ذلك لهذه الأصنام ، أو ما أشبهها؟
[٦] وهو سبحانه (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أي جنس الأمر المرتبط بهذا العالم ، فيأتي (مِنَ السَّماءِ) وإنما جعل سبحانه تدبير أمر الأرض في السماء ، حسب حكمته البالغة ، كما قال (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (٢) وإلا لم يكن له حاجة إلى ذلك ، وليس ذلك ، لأنه تعالى أقرب إلى السماء منه إلى الأرض ، بل الجميع لدى عظمته سواء ، ولا مكان له ولا جسمية ، حتى يكون أقرب إلى بعض من بعض (إِلَى الْأَرْضِ) أي تدبيرا ينتهي إلى الأرض (ثُمَّ يَعْرُجُ) أي يصعد الأمر (إِلَيْهِ) تعالى ، والظاهر ، أن التعبير ، ب «يعرج» باعتبار ارتفاع مقام الله سبحانه ، كما إذا سألت أحدا من أعضاء الحكومة أمرا ، يقول : «أراجع فوقي» يريد فوقه في الرتبة ، لا في المكان ، ومعنى صعود الأمر إليه ، أن النتائج والآثار التي ظهرت من الأمر ، يكون بنظره سبحانه ، أو أن العروج ،
__________________
(١) الأنبياء : ٢٩.
(٢) الذاريات : ٢٣.