وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا
____________________________________
فالظاهرة كالخلق والحياة ، وما ينتفع منها الإنسان ، في حياته وعيشه ، والباطنة ، ما وهب الله للإنسان من الإدراك ، والعقل ، الذي به يسيّر حياته حسب المصلحة والخير ، فمن يا ترى جعل كل ذلك؟ ومن النعم الباطنة ، الرسل ، والأئمة والإسلام ، ومن الناس من ينسب كل هذه النعم إلى الصدفة أو الطبيعة ، فلنسأل : هل لهاتين من عقل وتدبير؟ فإن قال : نعم ، قلنا : ما تسميه الصدفة والطبيعة مما له إدراك وتدبير ، وتقدير ، وعلم ، وحكمة ـ إلى غيرها مما يستلزمها هذه المخلوقات ـ هو ما نسميه نحن «الله» إذن فالنزاع في اللفظ ، وإن قال : لا ، قلنا من ذلك يلزم ، ما لا عقل له عقل ، فكيف لا يقدر جميع الأقوياء من الأطباء أن يصنعوا عينا لأعمى ، أو عقلا لمجنون ، والطبيعة الجاهلة العاجزة ، تصنع ملايين العيون والعقول؟ (وَ) بعد هذه الأدلة القاطعة (مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ) أي في أصل وجوده سبحانه ، أو وحدته ، بأن يعطل الكون عن الإله ، أو يجعل له شريكا (بِغَيْرِ عِلْمٍ) فلا علم له قطعي بما يقول ، وإنما هو ظن وتقليد (وَلا هُدىً) أدلة قطعية عقلية (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) أي كتاب واضح ، ظاهر يوجب تنوير الفكر بالبراهين ، والحجج ، والحاصل إنه لا دليل عقلي لهم ، ولا دليل نقلي ، ولا لهم علم ، بما يقولون ، وإنما ظنون وأهواء وتقاليد.
[٢٢](وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) فهذا كتاب منير عوض العلم ، والدليل العقلي ، الذين يفقدونهما في باب المبدأ والمعاد (قالُوا) في