وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً
____________________________________
ولا ببطء من الخيلاء ، أو المراد من المشي الأعم من الحركة ، يقال فلان حسن المشي ، فيما كانت سيرته حسنة ، فيكون المراد بالآية ، القصد في كل شيء من إنفاق ، ومأكل ، وسيرة ، وعشرة ، وغيرها (وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) أي اخفض بعض صوتك ، بأن لا تظهر كل الصوت عند التكلم ، بل تنقّص بعضه ، فإن الأدب في التكلم ، أن يتكلم الإنسان كلاما هادئا ، بدون جهر شديد ، وصياح ، ثم استدل لقمان لقبح الصوت الرفيع ، بقوله (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) حين ينهق ، فإن صوته يزعج السامع ، وليس ذلك إلا لأجل رفعه ، والجهر الشديد به ، فإذا أزعج الإنسان صوت الحمار ، فليتأدب عند إخراج صوت نفسه ، كما روي إنه قيل لأحد الحكماء : ممن تعلمت الأدب؟ قال : ممن لا أدب له ، حيث رأيت قبح عمله ، فتركته.
[٢١] ثم انتقل السياق للحوار مع المنكرين لله ، والجاعلين له شريكا ، الذين من أجلهم سيق قصة لقمان (أَلَمْ تَرَوْا) أيها المنكرون له ، أو المعترفون به الجاعلون معه شريكا (أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) من الشمس والقمر والنجوم ، فإنها تسير لمصالحكم ، ومنافعكم ، وكذلك الهواء والحساب وغيرها (وَما فِي الْأَرْضِ) من الحيوان ، والنبات ، والمياه ، والمعادن ، وغيرها فقد جعلها تحت اختياركم ، ولمنافعكم (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ) أي أوسع عليكم (نِعَمَهُ) جمع نعمة كالغنى ، والصحة ، والأمن ، وغيرها (ظاهِرَةً وَباطِنَةً)