فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ
____________________________________
الماديات (فَتَكُنْ) تلك الخردلة ، أو تلك الفعلة (فِي صَخْرَةٍ) حيث إن الحبة المخفية في صخرة صماء صعب الاطلاع عليها واستخراجها من الصخرة (أَوْ فِي السَّماواتِ) ، فإن الحبة إذا أضيفت في السماوات الوسيعة ، لا يقدر على العثور عليها أحد لسعة السماوات (أَوْ فِي الْأَرْضِ) وهل توجد حبة ضاعت في الأرض ، فهل يعلم أنها في أي مكان منها؟ (يَأْتِ بِهَا اللهُ) أي بتلك الفعلة ، وهذا لإيقاظ الإنسان ، أن لا يترك خيرا صغيرا بعيدا عن الأنظار بزعم أنه لا يطلع عليه أحد ، فلما ذا يعمله؟ أو يفعل شرا صغيرا بعيدا عن الأنظار ، بزعم أنه لا يراه أحد ، فيجتنب عنه؟ إن العمل مهما كان صغيرا ، في أرض كان أو سماء ، أو في كهف جبل ، أو في أعماق البحار ، فإن الله مطلع عليه ، ويأتي بحسابه يوم القيامة ، أو يأتي بنفسه ـ إن قيل بتجسيم الأعمال ـ (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) فيعلم الأشياء اللطيفة الدقيقة (خَبِيرٌ) عالم بالأشياء ، واللطيف أخص من الخبير ، وجيء به هنا للمناسبة مع كون العمل صغيرا مضاعا في السماوات أو الأرض ، أو مخفيا في جوف صخرة صماء.
[١٨](يا بُنَيَ) هو تصغير «ابن» وقد أضيف إلى ياء المتكلم ، وجيء بالتصغير لطفا وشفقة ، لا تحقيرا وإهانة (أَقِمِ الصَّلاةَ) بآدابها وأركانها (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ) وهو كل شيء حسن عقلا ، أو شرعا ، وسمي معروفا ، لأنهم يعرفونه ، ولا ينكرونه (وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) وهو كل قبيح