حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
____________________________________
ألمع السياق إلى بعض أسباب لزوم الاحترام للأم ، فقد (حَمَلَتْهُ) أي حملت الإنسان (أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ) أي في حال كون الإنسان الجنين ، يوجب لها ضعفا فوق ضعف ، فلم تزل تضعف كل يوم أكثر من الضعف في اليوم السابق ، حتى تلد ، فقد أطلق «وهن» على «الموهن» كأنه قطعة ، من قبيل «زيد عدل» (وَفِصالُهُ) أي أن مدة فصال الإنسان عن الرضاع ، بعد الولادة (فِي عامَيْنِ) فإن الرضاع الكامل ، إنما هو عامان ، ويفصل عن اللبن عند تمامها ، كما قال سبحانه ، (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) (١) (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) هذا تفسير قوله «ووصينا» مع الزيادة ، وهو لفظة «لي» أي كانت وصيّنا للإنسان ، أن يشكر لله ولوالديه ، وكان الإتيان ب «لي» لإفادة كون شكر الوالدين ، في عرض شكره سبحانه (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) فمن تكاسل في الشكر ، عوقب بالنكال ، كما أن من عمل بالأمر جوزي بالجنة.
[١٦](وَإِنْ جاهَداكَ) أي جاهد معك الأبوان ، بأن أتعبا أنفسهما مع الولد (عَلى أَنْ تُشْرِكَ) أيها الإنسان (بِي) بأن تجعل لي شريكا ، فيما كان هما مشركين ، وأرادا جرّ الأولاد إلى دينهما وطريقتهما (ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) أي تجعل الصنم الذي ليس علم لك بكون ذلك الصنم شريكا
__________________
(١) البقرة : ٢٣٤.