أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
____________________________________
بهذين الأمرين ، فإنما كلامه لقلقة لسان ، لا خارج من أعماق الجنان.
[٦](أُولئِكَ) المتصفون بتلك الأوصاف (عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) كأنّ الهدى جادة ، والضلال جادة ، فمن عمل بما ذكر ، كان سائرا على تلك الجادة المسماة بالهدى ، وأن الهدى من ناحية إلههم وخالقهم (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بخير الدنيا والآخرة.
[٧] ثم ذكر سبحانه من يقابل طائفة المؤمنين ، وهم طائفة الكفار والمنافقين (وَمِنَ النَّاسِ) أي بعضهم (مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) فإنه ينفق عمره في سبيل الأحاديث الملهية الباطلة ، وهذا عام ليشمل كل الأحاديث الملهية ومن جملة ذلك «الغناء» ولذا ورد تفسير الآية به (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي يضل الناس عن طريق الهداية فإنه يحدثهم ليجمعهم حوله ، فلا يجتمعوا حول الهدى ، وقد ورد ، أنها نزلت في النضر بن حارث ، كان يتّجر فيخرج إلى فارس ، فيشتري أخبار الأعاجم ، ويحدث بها قريشا ، ويقول لهم : إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار ، وأخبار الأكاسرة ، فيستمعون حديثه ، ويتركون استماع القرآن (١) (بِغَيْرِ عِلْمٍ) فإن العاصي جاهل ، وإن كان عالما حسب الظاهر ، إذ لو علم بحقيقة العلم ما يجره إلى نفسه من النار والنكال لم يقترب إلى المعصية أبدا ، كما قال : (مَنْ
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٢٢ ص ٦٢.