وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣) اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً
____________________________________
بأحداث ، إلا أنهم كالأصم الذي ولى دبره ، حيث لا ينتفع بالعظة والإرشاد.
[٥٤](وَما أَنْتَ) يا رسول الله (بِهادِ الْعُمْيِ) أي بقادر على أن تهدي إلى الطريق الذين هم عميان البصيرة (عَنْ ضَلالَتِهِمْ) متعلق ب «هادي» أي لا تقدر على هدايتهم عن ضلالتهم ، لأن مثلهم مثل الأعمى الذي كلما أراد الإنسان أن يريه الطريق ، لا يهتدي ولا يعرف (إِنْ تُسْمِعُ) أي ما تسمع إسماعا مفيدا أحد من الناس (إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا) أي بأدلتنا الدالة على وجودنا ، وسائر صفاتنا ، فإن من سلك طريق الهداية ، سمع أقوالك سماعا نافعا (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) لك منقادون لأوامرك.
[٥٥] وكيف يكفر هؤلاء بالله ، وقد علموا أنه هو الذي خلقهم ، ويقلبهم من حال إلى حال (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) من نطف ضعيفة ، أو أطفالا ضعافا ، وهذا من باب المجاز ، إذ جعل ذو الضعف ، وكأنه قطعة من الضعف ، مثل زيد عدل ، و (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) (١) (ثُمَّ جَعَلَ) لكم (مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ) كان فيكم (قُوَّةً) الحياة ، وقوّة الشباب (ثُمَّ جَعَلَ) لكم (مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) حتى يرتد الإنسان إلى
__________________
(١) هود : ٤٧.