وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ
____________________________________
اهتدوا فيجازيهم حسب علمه.
[٥٨] ولقد كان من أعذار كفار مكة ، في عدم إيمانهم ، أنهم إن آمنوا بالرسول ، يسلب مقامهم ، لأن القبائل المجاورة ، لا تخضع لهم بعد ذلك ، فيكونون مجبورين أن يخرجوا من هناك إلى حيث يتمكنون من العيش ، وهذا هو الخطف ، فإن الخاطف قد يكون إنسانا ، وقد يكون تقديرا ، كذا ذكر بعضهم ، وذكر بعض أنهم خافوا أن يختطفهم فارس والروم إن علموا باختراع العرب دينا جديدا ومنهجا جديدا ، وقد روي عن السجاد عليهالسلام إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : والذي نفسي بيده لأدعون إلى هذا الأمر الأبيض والأسود ومن على رؤوس الجبال ، ولجج البحار ولأدعون إليه فارس والروم ، فتجبّرت قريش واستكبرت وقالت لأبي طالب : أما تسمع إلى ابن أخيك ما يقول؟ والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا فأنزل الله تعالى هذه الآية (١) (وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ) يا رسول الله بأن نؤمن كما تقول (نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا) أي نستلب من أرض مكة ، فيأخذوننا الناس أسراء ولا طاقة لنا بهم (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً)؟ أي ألم نجعل لهم مكانا آمنا هو الحرم ، وهم كافرون ، فمن يقدر على هذا يقدر على ان يأمنهم إذا أسلموا (يُجْبى إِلَيْهِ) أي يؤتى إليه ويجلب نحو محلهم (ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) من الفواكه ، والصنائع ، وأنواع الأقمشة ، وغيرها ، فإن مكة حيث كانت مطافا للعرب ، كانت تروج
__________________
(١) روضة الواعظين : ج ١ ص ٥٤.