وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
____________________________________
مع إنه سبحانه يجيب كل من دعاه ، لأن إجابة المضطر أوقع وألزم حيث إنه لا علاج له ولا ملجأ يلجأ إليه ، والمراد إجابة دعائه وكشف ضره وحاجته (وَيَكْشِفُ السُّوءَ) النازل بالشخص من فقر ومرض وسجن وغيرها ، ثم إما المراد كشف سوء المضطر ، فيكون كعطف بيان ، أو كشف مطلق الأسواء ، فيكون تأسيسا لا تأكيدا ، وهنا نكتة لا بأس بالتنبيه عليها ، وهي أن بعض الأخيار ، سلكوا هذه الجملة من الآية سلك الختوم تفؤلا ، واتباعا لما ورد من «خذ القرآن ما شئت لما شئت» فقراءتها من باب التعريض ، لا من باب الطلب ، حتى يقال ، إنها عدل لما يشركون ، ولا دعائية لها ، فليست مثل (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) (١) فهذا من قبيل ما لو قال أحد الكرماء : أنا الذي أطعم الجائع ، فجاء جائع يريد إشباعه ، فإنه يقول : «أنا الذي أطعم الجائع» يريد التعريض به حيث إن هذا الكلام صدر منه (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) أي تخلفون آباءكم في ديارهم وأعمالهم ، فمن غير الله سبحانه يهلك قرنا ويخلف قرنا آخر مكانه ، ويفني جيلا ويجعل جيلا آخر خلفا له؟ (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) يفعل ذلك؟ كلا! ولكن (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) أي قليل تذكركم واتعاظكم ، لأنكم لا تتفكرون ولا تعتبرون ، و «ما» زائدة ، لتأكيد القلة.
[٦٤](أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ) أي يرشدكم إلى طرقكم ومقاصدكم (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) حيث تقطعون الصحراء أو البحار في الليالي المظلمة. إنه
__________________
(١) البقرة : ٢٠٢.