آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩) أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ
____________________________________
على الرسل المتقدمين الذين اصطفاهم الله سبحانه واختارهم لوحيه ، ومعنى «السلام» أن يكونوا سالمين في تلك الدار من الأخطار ، وإن غلب معنى التحية عليه ، عند العرف (آللهُ خَيْرٌ) هنا همزتان ، أحدهما للاستفهام ، والثانية همزة «أل» وإذا اجتمعت همزتان جاز أن تخفف أحدهما في صورة مدّ ، أي : هل الله خير (أَمَّا يُشْرِكُونَ) أي الأصنام التي يشركونها بالله تعالى؟ وقد تقدم أن الله كيف نجى المؤمنين ، وأهلك من كان يعبد الأصنام ، وعلى هذا فالجواب ـ الطبيعي ـ بعد تلك المشاهدات : أنّ الله خير.
[٦١](أَمَّنْ) أصله «أم» «من» فأدغمت إحدى الميمين في الثانية (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أي ما تشركون خير أم خالق السماوات والأرض (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ) أي جهة العلو (ماءً) وهو المطر (فَأَنْبَتْنا بِهِ) بذلك الماء ، وهذا من الالتفات من الغيبة إلى التكلم وهو فن من فنون البلاغة (حَدائِقَ) جمع حديقة ، وهي مجتمع الورود والأشجار (ذاتَ بَهْجَةٍ) أي منظر حسن يبتهج به من رآه ويسر ويفرح (ما كانَ لَكُمْ) أيها الناس (أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) أي أنتم لا تتمكنون من إنبات أشجارها ، لو لا أن الله أنبتها فلا يزعم زاعم أنه هو الذي ينبت حيث يحرث ويكدّ ويسقي ، إنه سبب ضعيف ، وإنما الذي ينبت هو الله سبحانه (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أي هل هنا لك في الكون إله آخر مع الله سبحانه؟ وهذا استفهام إنكاري ، يأتي بعد الإلفات إلى صنع الله