قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ
____________________________________
ولما جاءت بلقيس (قِيلَ لَهَا) والقائل بعض الخدم (ادْخُلِي الصَّرْحَ) وهو المحلّ المعدّ لاستقبالها (فَلَمَّا رَأَتْهُ) أي رأت بلقيس الصرح (حَسِبَتْهُ) أي ظنته (لُجَّةً) من الماء ، واللجة معظم الماء ، فاستعدت لخوضها بأرجلها (وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) أي رفعت ثوبها عن رجليها ، لتدخل الماء ، ولا يبلل ثوبها (قالَ) سليمان ، أو بعض الخدم (إِنَّهُ) أي ما ترين ليس ماء ، ولعلهم أعلموا سليمان بأنها أخذت في كشف قدميها لخوض الماء ـ بظنها ـ (صَرْحٌ) أي قصر (مُمَرَّدٌ) قد مرّد وملّس ، ومنه يقال لمن لا شعر له ، أي هو مملّس (مِنْ قَوارِيرَ) جمع قارورة ، والمراد بها الزجاج ، وإذ دهشت الملكة من هذا الحادث جعلت تستغفر عن ذنبها ، فإن من عادة الإنسان طلب الغفران حين يدهش ويصاب بكارثة ، إذ يزول الكبرياء ، حينذاك (قالَتْ) مناجية ، يا (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) بعبادتي للشمس في سالف الزمان (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فالإسلام لله تعالى ، لكنه مع سليمان النبي ، ولعلّ الإتيان بهذه اللفظة ، للاعتراف برسالته ، وأرادت أن تبدي اعترافها بالمبدأ والرسالة.
[٤٦] وبعد تمام قصة سليمان ، يأتي السياق ليبين طرفا من قصص سائر الأنبياء (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ) أي قبيلة ثمود (أَخاهُمْ) في النسب (صالِحاً) فقال لهم (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) وحده لا شريك له (فَإِذا هُمْ)