قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (٤٢) وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ (٤٣)
____________________________________
أي هل أن عرشك مثل هذا العرش الموضوع ها هنا؟ (قالَتْ) وقد أدركت بفطنتها الحقيقة (كَأَنَّهُ) أي كأن هذا العرش الموضوع (هُوَ) العرش الذي لي وخلفته ورائي جئتم به إلى هنا ثم قالت (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ) بقدرة الله سبحانه ، وصحبة نبوة سليمان (مِنْ قَبْلِها) أي من قبل هذه الخارقة التي نشاهدها بالنسبة إلى العرش (وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) بسليمان ، فلا نعجب من إتيان العرش إلى هنا.
[٤٤] ثم ذكر سبحانه ، إنها إنما أسلمت بعد كتاب سليمان ، وإلا فإنها كانت تعبد الشمس ، كما قال «الهدهد» (وَصَدَّها) أي منعها ـ سابقا ـ عن الإسلام (ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ) أي عبادتها للشمس ، وإنما عبدت الشمس ل (إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) أي نشأت فيهم وكانت منهم ، ولذا اعتقدت كما كان يعتقد قومها ، فإن للمحيط أثرا قاهرا على النساء.
[٤٥] وقد أمر سليمان عليهالسلام أن يبني لها «صرح» أي موضع منبسط من قوارير كالقصر ، وقد أجرى الماء تحت أرض الصرح بحيث كان يبدو أنه ماء واقف على الأرض ، ولعلّه أراد بذلك اختبار عقلها أيضا ، هل تعرف إنه صرح أم تظن أنه ماء ، وقيل أن الشياطين خافت أن يكون لها ولد منه ، فنفروا سليمان منها ، قائلين إن رجلها كرجل حمار ، فأراد سليمان أن يعرف صدق ذلك ، أقول : وإن صدق هذا ، لم يكن فيه دليل على إن سليمان أو بعض الرجال نظروا إلى ساقها ، فلعلّ سليمان كان قد أحضر نساء للنظر إلى ساقيها ، بدون أن يقلن لها اكشفي عن ساقك ، كما أنه ليس دليل على إن قول الشياطين أثّر في سليمان ، إذ هو عليهالسلام أعلم منهم ، وإنما أراد الكشف للناس عن كذبهم بما تشهده النساء.