ذكرناه ليعرف ، فإنّ في إسناده ضعفا وانقطاعا ... (١). قال ابن الجزري : ومع ضعفه وانقطاعه وكونه لا تقوم به حجّة ؛
[١ / ١٦٤] فإنّ الحافظ أبا عمرو الداني رواه على الصواب من حديث أبي روق أيضا عن الضحّاك عن ابن عبّاس : أنّ جبرئيل علّمه (النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم) قال : قل : «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ثمّ قال : قل : «بسم الله الرحمان الرحيم».
قال : والقصد ، أنّ الذي تواتر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في التعوّذ للقراءة ولسائر تعوّذاته من روايات لا تحصى ، لفظ «أعوذ». وهو الذي أمره الله تعالى به وعلّمه إيّاه فقال : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ)(٢). (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ). وقال عن موسى عليهالسلام : (أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ)(٣). (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ)(٤). وعن مريم عليهاالسلام : (أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ.)(٥).
[١ / ١٦٥] وروى مسلم بإسناده إلى أبي سعيد الخدري عن زيد بن ثابت ـ في حديث ـ قال : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أقبل علينا بوجهه فقال : «تعوّذوا بالله من عذاب النار ، قلنا : نعوذ بالله من عذاب النار. قال : تعوّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قلنا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال : تعوّذوا بالله من فتنة الدجّال ، قلنا : نعوذ بالله من فتنة الدجّال» (٦).
... فلم يقولوا في شيء من جوابه صلىاللهعليهوآلهوسلم : نتعوّذ بالله ، ولا تعوّذنا ، على طبق اللفظ الذي امروا به. كما أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقل : أستعيذ بالله ولا استعذت ، على طبق اللفظ الذي أمره الله به. ولا كان هو وأصحابه يعدلون عن اللفظ المطابق الأوّل المختار إلى غيره ، بل كانوا هم أولى بالاتّباع وأقرب إلى الصواب وأعرف بمراد الله تعالى.
كيف وقد علّمنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كيف يستعاذ :
[١ / ١٦٦] فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا تشهّد أحدكم فليستعذ بالله من أربع : يقول : أللهم إنّي أعوذ بك من عذاب جهنّم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شرّ فتنة المسيح الدجّال». رواه
__________________
(١) ابن كثير ١ : ١٥. واللفظ كما في التفسير : «أستعيذ بالله السميع العليم ...».
(٢) المؤمنون ٢٣ : ٩٧ ـ ٩٨.
(٣) البقرة ٢ : ٦٧.
(٤) غافر ٤٠ : ٢٧.
(٥) مريم ١٩ : ١٨.
(٦) مسلم ٨ : ١٦٠ ـ ١٦١.