قال الشيخ : التعوّذ مستحبّ في أوّل ركعة دون ما عداها. وللشافعي قولان ، أحدهما : مثل قولنا. والثاني : أنّه في كلّ ركعة إذا أراد القراءة. وعلى الأوّل أكثر أصحابه ، وبه قال ابن سيرين. قال الشيخ : دليلنا : أنّ ما اعتبرناه مجمع عليه ، وتكراره في كلّ ركعة يحتاج إلى دليل ، وليس في الشرع ما يدلّ عليه (١).
وأمّا في غير الصلاة فالاستعاذة إنّما هي في مفتتح التلاوة وإن تعدّدت ما لم يتخلّلها أجنبيّ عنها. ولأنّ ظاهر الآية الأمر بها قبل الشروع في القراءة لا في استدامتها آية فآية حتى مع الفصل القصير!
***
ذهب الشيخ وعامّة الأصحاب إلى الإسرار بالاستعاذة والإجهار بالبسملة فقط. قال : التعوّذ يسرّ به في جميع الصلوات (الجهرية والإخفاتيّة). وللشافعي فيه قولان ، أحدهما : مثل ما قلنا ، والثاني : أنّه يجهر به فيما يجهر فيه بالقراءة. قال الشيخ : دليلنا : إجماع الفرقة (٢).
قال الشهيد : ويستحبّ الإسرار بها ولو في الجهريّة. قاله الأكثر. ونقل الشيخ فيه الإجماع منّا (٣). وحمل حديث حنان بن سدير على إرادة الجواز.
[١ / ١٥٣] وروى المجلسي الرواية عن قرب الإسناد عن محمّد بن عبد الحميد وعبد الصمد ابن محمّد معا عن حنان بن سدير ، قال : صلّيت خلف أبي عبد الله عليهالسلام المغرب ، فتعوّذ بإجهار : «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وأعوذ بالله أن يحضرون» ، ثمّ جهر ببسم الله الرحمان الرحيم (٤). أي جهر بهما معا.
وأورد كلام الشهيد وقال : لم أر مستندا للإسرار ، والإجماع لم يثبت ، والرواية تدلّ على استحباب الجهر ، خصوصا للإمام ، لا سيّما في المغرب. إذ الظاهر اتحاد الواقعة في الروايتين. ويؤيّده عموم ما ورد في إجهار الإمام في سائر الأذكار إلّا ما أخرجه الدليل (٥).
واستجاده الفقيه البحراني بعد نقل كلامه ولم يزد ، دليلا لارتضائه لما ذهب إليه (٦).
__________________
(١) الخلاف ١ : ٣٢٦.
(٢) المصدر : ٣٢٦ ـ ٣٢٧.
(٣) ذكرى الشيعة ١ : ٣٣٠.
(٤) البحار ٨٢ : ٣٥ / ٢٥ عن قرب الاسناد : ١٢٤ / ٤٣٦.
(٥) البحار ٨٢ : ٣٥.
(٦) راجع : الحدائق الناضرة ٨ : ١٩٥.