«إذا أخذ أحدكم مضجعه ليرقد ، فليقرأ بأمّ القرآن وسورة. فإنّ الله يوكّل به ملكا يهبّ معه إذا هبّ» (١).
[١ / ٦٤] وأخرج أبو عبيدة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : بعثنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سريّة ثلاثين راكبا ، فنزلنا بقوم من العرب ، فسألناهم أن يضيّفونا فأبوا ، فلدغ سيّدهم فأتونا فقالوا : فيكم أحد يرقي من العقرب؟ فقلت : نعم أنا. ولكن لا أفعل حتّى تعطونا شيئا. قالوا : فإنّا نعطيكم ثلاثين شاة. فقال : فقرأ عليها «الحمد» سبع مرّات فبرأ ، فلمّا قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها ، فكففنا حتّى أتينا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فذكرنا ذلك له قال : «أما علمت أنّها رقية! اقتسموها واضربوا لي معكم بسهم» (٢).
في هذا الحديث شناعة : كيف يتقاضى صحابيّ جليل أجرا على نفخة هي نفخة رحمانيّة حتّى ولو كان القوم قد أساءوا في امتناعهم عن الإقراء ، وليس من شيمة الكريم أن يقابل سيّئة بسيّئة. ومنطق الإسلام : أحسن إلى من أساء إليك.
ثمّ من أين علم أبو سعيد أنّ قراءة الحمد سبع مرّات ترقي اللّدغ؟ فلو كان بتعليم النبيّ ، فقد
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٧ ؛ ابن عساكر : ٢٢ / ٤١٣ ؛ كنز العمّال ١ : ٣٢٩ / ٤١٢٥٦ ؛ النسائي ٦ : ٢٠٣ / ١٠٦٤٨ بلفظ : «... ما من عبد مسلم يأوي إلى فراشه فيقرأ سورة من كتاب الله حين يأخذ مضجعه إلّا وكّل الله به ملكا لا يدع شيئا يقربه ويؤذيه حتى يهبّ متى هبّ» هبّ من النوم : استيقظ.
(٢) الدرّ ١ : ١٤ ؛ فضائل القرآن : ١١٩ / ١٥ ـ ٣٣ ؛ مسند أحمد ٣ : ١٠ ، مسند أبي سعيد الخدري ؛ البخاري ٧ : ٢٥ ؛ مسلم ٧ : ٢٠ ، كتاب السّلام ، باب جواز أخذ الاجرة على الرقية بالقرآن والأذكار ؛ أبو داوود ٢ : ٢٢٨ / ٢٩٠٠ ، كتاب الطب ، باب كيف الرقى ؛ الترمذي ٣ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩ / ٢١٤٢ ، أبواب الطبّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، باب ١٩ (ما جاء في أخذ الأجر على التعويذ). قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ؛ النسائي ٦ : ٢٥٤ / ١٠٨٦٦ ، كتاب الطب ، باب الشرط في الرقية ؛ ابن ماجة ٢ : ٧٢٩ / ٢١٥٦ ، كتاب التجارات ، باب أجر الراقي ؛ الحاكم ١ : ٥٥٩ بلفظ : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن صالح بن هاني ، حدّثنا الحسين بن محمّد القباني ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أنبأ جرير عن الأعمش عن جعفر بن أياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضى الله عنه قال : «بعثنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزاة أو سرية فمررنا على أهل أبيات فاستضفناهم فلم يضيّفونا فنزلنا باخرى ولدغ سيّدهم فأتونا فقالوا : هل أحد منكم يرقي؟ فقلت : أنا راق. قال : فارق صاحبنا. قلت : لا ، قد استضفناكم فلم تضيّفونا. قالوا : فإنّا نجعل لكم. فجعلوا لنا ثلاثين شاة. قال : فأتيته فجلست أمسحه وأقرأ فاتحة الكتاب وأردّدها حتّى برأ. فأخذنا الشياه فقلنا : أخذناه ونحن لا نحسن أن نرقي. ما نحن بالذي نأكلها حتّى نسأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فأتيناه فذكرنا ذلك له. قال : فجعل يقول : وما يدريك أنّها رقية؟ قلت : يا رسول الله ما دريت أنّها رقية ولكن شيء ألقى الله في نفسي. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كلوا واضربوا لي منكم بسهم».
قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه إنّما أخرجه عن يحيى بن يحيى عن هشيم عن أبي بشر عن أبي المتوكّل عن أبي سعيد مختصرا. والبيهقي ٦ : ٢٠٠ ، كتاب البيوع ، باب الجعالة.