وأنّه سحر على يد لبيد بن أعصم اليهودي ـ قيل : كان خادما له ـ فكان يخيّل
إليه أنّه فعل شيئا ولم يفعله. والقصّة ـ كما جاءت في الصحيحين ـ.
[م / ٣٥٨] حدثت
بها عائشة ، قالت : سحر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غلام يهودي يخدمه يقال له : لبيد ابن أعصم ، حتّى كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يخيّل إليه أنّه يفعل الشيء وما يفعله.
[م / ٣٥٩] وفي
لفظ آخر : سحر حتّى كان يرى أنّه يأتي النساء ولا يأتيهنّ.
[م / ٣٦٠] وفي
رواية الإمام أحمد : قالت : لبث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ستة أشهر يرى أنه يأتي ولا يأتي .
قال سفيان :
وهذا أشدّ ما يكون من السحر . قالت : حتّى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول
الله ثمّ دعا ثمّ دعا (ليكشف الله عنه). فاستخرج السحر وعوفي ، فأنزل الله
المعوّذتين ، إحدى عشرة آية ، بعدد العقد وشوفي .
يقول الأستاذ
عبده : وقد رووا هاهنا أحاديث في أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم سحره لبيد بن أعصم وأثّر سحره فيه حتّى كان يخيّل أنّه
يفعل الشيء وهو لا يفعله أو يأتي شيئا وهو لا يأتيه ، وأنّ الله أنبأه بذلك وأخرجت
موادّ السحر من بئر وعوفي ممّا كان نزل به من ذلك ونزلت السورة.
قال : ولا يخفى
أنّ تأثير السحر في نفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى يصل به الأمر إلى أن يظنّ أنّه يفعل شيئا وهو لا
يفعله ، ليس من قبيل تأثير الأمراض في الأبدان.
بل هو ماسّ
بالعقل آخذ بالروح ، وهو ممّا يصدّق قول المشركين فيه : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً
مَسْحُوراً). وليس المسحور عندهم إلّا من خولط في عقله وخيّل له أنّ
شيئا يقع وهو لا يقع ، فيخيّل إليه أنّه يوحى إليه ولا يوحى إليه.
قال : وقال
كثير من المقلّدين الذين لا يعقلون ما هي النبوّة ولا ما يجب لها : إنّ الخبر
بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صحّ ، فيلزم الاعتقاد به. وعدم التصديق به من
بدع المبتدعين ، لأنّه ضرب من إنكار السحر ، وقد جاء القرآن بصحّة السحر !!
__________________