واستنصحوه على أنفسكم ، واتّهموا عليه آراءكم ، واستغشّوا (١) فيه أهواءكم» (٢).
[م / ٢٢] وفي خطبة يصف فيها جبروت الربّ تعالى ، وفيها يبيّن فضل الإسلام وصادعه ويعرّج على وصف القرآن الكريم بقوله :
«ثمّ أنزل عليه (على الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم) الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه ، وسراجا لا يخبو توقّده ، وبحرا لا يدرك قعره ، ومنهاجا لا يضلّ نهجه ، وشعاعا لا يظلم ضوؤه ، وفرقانا لا يخمد برهانه ، وتبيانا لا تهدم أركانه ، وشفاء لا تخشى أسقامه ، وعزّا لا تهزم أنصاره ، وحقّا لا تخذل أعوانه. فهو معدن الإيمان وبحبوحته ، وينابيع العلم وبحوره ، ورياض العدل وغدرانه ، وأثافيّ (٣) الإسلام وبنيانه ، وأودية الحقّ وغيطانه (٤) ، وبحر لا ينزفه المستنزفون (٥) ، وعيون لا ينضبها الماتحون (٦) ، ومناهل لا يغيضها (٧) الواردون ، ومنازل لا يضلّ نهجها المسافرون ، وأعلام لا يعمى عنها السائرون ، وآكام (٨) لا يجوز عنها القاصدون.
جعله الله ريّا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاجّ (٩) لطرق الصلحاء ، ودواء ليس بعده داء ، ونورا ليس معه ظلمة ، وحبلا وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا ذروته ، وعزّا لمن تولّاه ، وسلما لمن دخله ، وهدى لمن ائتمّ به ، وعذرا لمن انتحله ، وبرهانا لمن تكلّم به ، وشاهدا لمن خاصم به ، وفلجا (١٠) لمن حاجّ به ، وحاملا لمن حمله ، ومطيّة لمن أعمله ، وآية لمن توسّم ، وجنّة لمن استلأم (١١) وعلما لمن وعى ، وحديثا لمن روى ، وحكما لمن قضى» (١٢).
أسامي القرآن
ذكر شيخ المفسّرين جمال الدين أبو الفتوح الرازي (من أعلام القرن السادس) ثلاثا وأربعين
__________________
(١) أي ظنّوا فيها الغشّ.
(٢) نهج البلاغة ٢ : ٩٢ ، الخطبة : ١٧٦.
(٣) الأثافيّ جمع الأثفيّة : أحجار ثلاثة يوضع عليها القدر عند الطبخ. أي عليه قام الإسلام.
(٤) غيطان الحقّ ، جمع غاط أو غوط ، وهو المطمئنّ من الأرض.
(٥) أي لا يفنى ماؤه ولا يستفرغه المغترفون.
(٦) نضب الماء : غار. والماتح : نازع الماء من الحوض.
(٧) من غاض الماء إذا أخذ في الهبوط والنقصان.
(٨) جمع أكمة : المرتفع من الأرض.
(٩) المحاجّ ، جمع محجّة ، وهي الجادّة من الطريق.
(١٠) الفلج ـ بالفتح فسكون ـ : الظفر والفوز.
(١١) استلأم : لبس اللأمة وهي الدرع أو جميع أدوات الحرب.
(١٢) نهج البلاغة ٢ : ١٧٧ ـ ١٧٨ ، الخطبة : ١٩٨.