ثمّ ما هي المناسبة بين هذه الآيات ودفع أسقام الجسم ، وهنّ نزلن لدفع أسقام الروح ، والهزّة بتلك الأنفس العاتية!!
[م / ١٦١] وفي المستدرك : «من وجد في قلبه قسوة فليكتب يس في جام بزعفران ، ثمّ يشربه» (١).
لا شكّ أنّ سورة يس نزلت لإزالة القسوة من القلوب ، لكن لا بشربها ، بل بتلاوتها والتدبّر فيها!!
ومثله ما ورد في عسر الولادة :
[م / ١٦٢] أخرج البيهقي في الدعوات عن ابن عبّاس ـ موقوفا ـ : في المرأة يعسر عليها ولادها؟ قال : يكتب في قرطاس ثمّ تسقى : «بسم الله الذي لا إله إلّا هو الحليم الحكيم. سبحان الله وتعالى ربّ العرش العظيم ، الحمد لله ربّ العالمين. (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها)(٢). (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)(٣)» (٤).
ما ندري ما هي الصلة بين آيات نزلت وعيدا بشأن أصحاب النار ، وبين مسكينة عسر عليها الطلق؟!
ثمّ ما معنى : يكتب في قرطاس ثمّ تسقى؟! ولعله مسح ما في القرطاس بالماء في جام ثمّ تشربه! وهل لا يضرّها كثرة المداد؟!
***
وهنا بحث طريف بين فقهاء القوم : هل يجوز شرب غسالة القرآن ، أو ابتلاع ورقة فيها كتابة قرآن؟
قال أبو قلّابة والأوزاعي : لا بأس به. وكرهه النخعيّ. وقال القاضي حسين والبغويّ وغيرهما : لو كتب على حلوى وطعام فلا بأس بأكله.
قال الزركشي : وممّن صرّح بالجواز في مسألة الإناء ، العماد النيهيّ ، مع تصريحه بأنّه لا يجوز
__________________
(١) الحاكم ٢ : ٤٢٨ ؛ الإتقان ٤ : ١٤٢.
(٢) النازعات ٧٩ : ٤٦.
(٣) الأحقاف ٤٦ : ٣٥.
(٤) الإتقان ٤ : ١٤٢.