الهادي عليهالسلام قال : سألته : من أعامل ، وعمّن آخذ ، وقول من أقبل؟ فقال : العمري ثقتي ، فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي فعنّي يقول. فاسمع له وأطع ، فإنّه الثقة المأمون.
[م / ١٠٥] وأيضا قال : إنّه سأل أبا محمّد العسكري عن مثل ذلك؟ فقال : العمرى وابنه ثقتان ، فما أدّيا إليك عنّي فعنّي يؤدّيان ، وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنّهما الثقتان المأمونان (١).
والعمريّ وابنه هما : عثمان بن سعيد العمريّ وابنه محمّد بن عثمان ، كانا النائبين الأوّل والثاني من النوّاب الأربعة في الناحية المقدّسة على عهد الغيبة الصغرى ، على غائبها ألف تحيّة وسلام ، وعجّل الله تعالى فرجه الشريف.
على أنّ دأب علمائنا الأعلام على الأخذ برواية الثبت الثقة الأمين معروف معهود لا غبار عليه ، كما ذكره الشيخ في العدّة ، حتّى ولم يشترطوا كونه إماميّا بعد احراز كونه صدوقا في حديثه أمينا في روايته. وهذا هو مذهب أصحابنا أجمع من غير خلاف. وهكذا المعهود من دأبهم الأخذ برواية الثقة الثبت ، في مختلف شؤون الدين ، في المعارف والأحكام والتاريخ والتفسير جميعا ومن غير فرق.
نعم هناك من أخذ من كلام المفيد ، بأن لا تعبّد في غير التكاليف ، مستندا لرفض حجيّة الخبر الواحد في مجال التفسير ، حيث المطلوب فيه هو فهم المعاني ، وهو من باب العلم ولا مساس له بالعمل فيما سوى آيات الأحكام.
وبذلك فسّر كثير من الأصوليّين الحجّيّة التعبّديّة في باب الأمارات والدلائل الظنيّة ، ومنها الخبر الواحد ، بالتنجّز والتعذّر تعبّدا (٢) ، ولا مجال له في غير التكاليف ذوات أثر شرعي عملي.
ومن ثمّ قالوا ـ في مسألة الإخبار مع الواسطة ـ بضرورة كون المخبر به ذا أثر شرعي حتّى يشمله دليل الحجّيّة التعبّديّة (٣).
وهكذا ذهب العلّامة الطباطبائي إلى عدم حجّيّة خبر الواحد في باب التفسير ، استنادا إلى ما
__________________
(١) الكافي ١ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠ / ١ ، باب تسمية من رآه من كتاب الحجّة.
(٢) راجع : كفاية الأصول للمحقّق الخراساني : ٢٧٧.
(٣) راجع : أجود التقريرات للإمام الخوئي ، تقريرا لمباحث المحقق النائيني ٢ : ١٠٥ ؛ كفاية الأصول : ٢٩٧.