الحوادث والبلدان ، وقد اعتمد الأصحاب رواية الثقة في الشرائع والأحكام. وطريقتهم هذه معروفة وحجّة معتبرة ، كما ذكره الشيخ في كتابه «عدّة الأصول» (١).
وللشيخ نجم الدين أبي القاسم المحقّق الحلّي صاحب كتاب «شرائع الإسلام» تحقيق لطيف عن مذهب السيّد والشيخ وينتهي إلى ما ذكره الشيخ في نهاية المطاف (٢).
ذكر سيّدنا الأستاذ الخوئي ـ طاب ثراه ـ عن شيخه المحقّق النائيني ـ طاب رمسه ـ أنّ ما نفاه السيّد وتبعه الشيخ من عدم اعتبار خبر الواحد إنّما هو في الأخبار الضعيفة أو الموهونة ، لا التي رواها الثقة الثبت من الرجال.
قال : إنّ للخبر الواحد اصطلاحين ، أحدهما : مقابل المتواتر أو المحفوف بقرائن قطعيّة. والثاني : الضعيف الموهون. ولا يبعد أن يكون معقد الإجماع الذي ادّعاه السيد ـ قدسسره ـ وغيره ، على عدم الحجّية ، هو الخبر الواحد بالمعنى الثاني. وإلّا فلم يعهد من أحد من الأعلام عدم العمل بأخبار الآحاد التي يرويها الثقات. فدعوا هم الإجماع على عدم الحجّيّة لا تنافي عملهم بالأخبار ، لأنّ معقد الإجماع هو المعنى الثاني ، والمعمول به هو الخبر بالمعنى الأوّل.
قال : والشاهد على ذلك أنّ الشيخ ـ قدسسره ـ الذي ادّعى الإجماع على حجّية خبر الواحد ، كثيرا مّا يقول ـ في كتاب الاستبصار ، في مقام الاعتذار عن عدم العمل بخبر ـ : إنّما لم نعمل به ، لأنّه خبر واحد (٣). والمراد هو المعنى الثاني ، وإلّا فخبر الثقة العدل عنده حجّة مسلّمة (٤). وكان دأبه وكذا السيّد والمفيد وغيرهم من علمائنا الأعلام هو العمل بخبر الثقة الثبت.
وقد تواتر عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام لزوم الأخذ بما يرويه عنهم الثقات :
[م / ١٠٣] جاء في التوقيع الذي خرج على يد القاسم بن العلاء : «فإنّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يؤدّيه عنّا ثقاتنا ، قد عرفوا بأنّنا نفاوضهم سرّنا ، ونحمّله إيّاه إليهم» (٥).
[م / ١٠٤] وروى ثقة الإسلام الكليني بإسناده الصحيح إلى أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن
__________________
(١) راجع : عدّة الأصول للطوسي ١ : ٣٣٦ ـ ٣٦٧.
(٢) راجع : معارج الأصول : ١٤٠ ـ ١٤٨.
(٣) انظر على سبيل المثال : الاستبصار ١ : ٣٥ ـ ٣٦ ذيل الحديث ٩٦.
(٤) راجع : الهداية في الأصول للصافي الإصفهاني ٣ : ١٧٥. وراجع : مصباح الأصول للبهسودي ٢ : ١٤٩.
(٥) راجع : رجال الكشّي ٢ : ٨١٦ / ١٠٢٠. في ترجمة أحمد بن هلال العبرتائي (الذي خرج التوقيع بذمّه) وفي نسخة الوسائل ٢٧ : ١٤٩ ـ ١٥٠ / ٣٣٤٥٥ : فيما يرويه عنا ثقاتنا. ونحمّلهم إيّاه إليهم. و ١ : ٣٨ / ٢٢ : «يؤدّيه».