ثم نصح الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله صحابته : نعم تحدّثوا عني ولا حرج ، ومن كذّب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار (١).
وفي إحدى المواقف ، وبّخ الرسول صلىاللهعليهوآله صحابته قائلاً لهم : ما هذه الكتب التي بلغني أنكم قد كتبتم ، إنما أنا بشر ، من كان عنده منها شيء فليأت به ، ناهياً ان يكتب أحد شيئاً من حديثه (٢).
وسار الخلفاء الراشدون على هذا النهج ، فمنعوا تدوين الحديث النبوي ، منهم الخليفة عمر بن الخطاب ، اذ قال : لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً (٣).
وجاء الحكم الأموي ، فسار على هذا المنوال ، حتى مجيء الخليفة الأموي (عمر بن عبد العزيز) ، فخاف اندراس الحديث بموت الصحابة والتابعين ، فأمر بجمع حديث رسول الله ، وهكذا كان ابتداء تدوين الحديث في نهاية القرن الأول الهجري (٤).
إذاً ، كانت الطبقة الاولى من التابعين قد كرهت كتابة الحديث ، وأجاز ذلك من جاء بعدهم ، وما حدث التصنيف إلا بعد موت الحسن البصري (٥).
وهكذا كانت الكتب والتصانيف محدثة ، ولم يكن شيء منها زمن الصحابة وصد التابعين ، وانما حدث بعد سنة (١٢٠) ، وبعد وفاة جميع الصحابة ، وخيار التابعين ، بل
__________________
(١) مجمع الزوائد ـ الهيثمي ١ : ١٥١ ؛ كنز العمال ١٠ : ٢٣١ الحديث ٢٩٢١٧ ؛ مسند احمد ٣ : ١٣.
(٢) تقييد العلم ـ الخطيب البغدادي : ٣٤.
(٣) المصنف ـ الصنعاني ١١ : ٢٥٨ ؛ تقييد العلم ـ الخطيب البغدادي : ٤٩ ؛ تنوير الحوالك ـ جلال الدين السيوطي : ٤.
(٤) انظر : فتح الباري ـ ابن حجر ١ : ١٧٤ ؛ عمدة القاري ـ العيني ٢ : ١٢٩.
(٥) انظر : إحياء علوم الدين ـ الغزالي ١ : ١٣٤.