ويقول تعالى في آية أخرى : اللَّـهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ (١).
على ان التقصير جاء من المسلمين أنفسهم لأنهم لم يستجيبوا لداعي الله كما ينبغي ، ولم يؤدوا الأمانة التي حُمِّلوها حق الاداء ، ولابد في البحث عن الاسباب والعوامل والعلل ، لمعرفة مواضع الداء مهما كانت النتائج قاسية وتُطال هذا الفريق أو ذاك ، ومهما كانت قداسته في نفوسنا ، أو نفوس بعضنا على الأقل.
إذ ربما كانت هذه القداسة من ابتداع السياسة الحاكمة لأمر في نفوس يعقوب ، فاتخذتها الأمّة بمرور الزمن ، حقيقة لا يرقى إليها الشك ، في حين هي أسطورة تأريخية لا أصل لها مطلقاً.
٢ ـ لماذا خلق الله البشرية؟ هذا التساؤل الوجيه ، يجيب الله تعالى عليه في آية محكمة واحدة : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٢).
وإذا كان هذا هو ال هدف من الخلقة ، فلابد أن تكون عبادة الله التي لا تقتصر على الفرائض والواجبات ، وإنما عموم الأوامر والتعاليم الالهية ، طبق ما يمليه الوحي على الأنبياء ، لا أن تكون العبادة ، على وفق الأهواء الإنسانية القاصرة ، بالرغم من ان الانسان مفطور على عبادة الله تعالى والإلتجاء إليه ، إلا انه يجهل الطريق الذي يوصله إلى الله ، والوسيلة الصحيحة لاداء تلك العبادة ، ولقد رأينا كيف أن المشركين والوثنيين يعبدون الأصنام والأوثان لتقرّبهم إلى الله زلفى مع ان هذه ال وسائل باطلة.
فليس من حق العباد أن يبتدعوا الوسائل والوسائط والطُرق لعبادة الله تعالى ، ولا يتلاعبوا بمنهجه العبادي على الأقل ، لأن هذه الأمور من مهام الأنبياء عبر الوحي
__________________
(١) الأنعام ١٢٤.
(٢) الذاريات ٥٦.