الامام الشافعي ويحيى بن معين
يحيى بن معين ، من كبار أئمة الجرح والتعديل ، جعلوا قوله في الرجال حُجّة قاطعة ، وهو قد شكك في الامام الشافعي ، وتصريحه بهذا ثابت عنه من طرق صحيحة ، ومن أقوال يحيى بن معين : الشافعي كان يكذب ، ما أحبّ حديثه ولا ذكره (١).
الشافعي والصحابة
يعتقد الامام الشافعي بأن الصحابة هم رواة للحديث النبوي ، غير ان اجتهادهم وفتاواهم وآراءهم ، مَحطّ تساؤل ، لأنهم قد يخطئون كغيرهم من المسلمين ، ولذا لا يلزم أن تُؤخذ أجمعها أو بعضها ، كما هو عند المذهب الحنفي ، أما اذا عمل الصحابي بخلاف ما رواه ، فالشافعي يعمل بالحديث المروي عن النبي محمد صلىاللهعليهوآله ، ويترك عمل الراوي ، إذ قد يكون عن اجتهاد ، أو سهو ، أو نحو ذلك (٢).
والشافعي بذلك يُخالف المذاهب الفقهية الأخرى التي تتمسك بفتوى واجتهاد الصحابي لتدعم بها قواعدها الفقهية.
غير ان الشافعي لثقته بالصحابة يأخذ بروايتهم للحديث النبوي ، مأخذ الصحة الكاملة ، من دون أي نقاش أو تشكيك ، باعتبارهم رواة صادقين للحديث ، نراه في كتابه (الأم) يجوّز على الصحابة الذين رووا عن النبي ، الخطأ والكذب ، إذ كانوا لا يقبلون مرويات بعضهم أحياناً ، ويعمل كل منهم بما يوحيه اجتهاده ، وقد تراشقوا بأسوأ التهم ، واستحل بعضهم دماء البعض الآخر.
__________________
(١) جامع بيان العلم ـ ابن عبد البر ٢ : ١٤٩.
(٢) المذاهب الفقهية : ٩٠.