أهل الجرح والتعديل ، فللمقلدين أن يتخلّوا عن تقليد الشافعي في هذه المسألة ، ويرجعوا الى الحديث الصحيح ، خاصة وان الشافعي أوصى بأن ليس لأحد أن يترك قول رسول الله لقول أحد (١).
ويحاول البعض تبرير موقف الشافعي هذا ، بقوله : وما يبدو من عدول عن بعض الحديث ومخالفته ، فعذره عنده ، ان الحديث لم يصله ، أو وصله ولم يصح عنده لضعفه ، أو وجد فيه طعناً ، لا يراه غيره طعناً ، أو تركه ، وهو صحيح حسن ، لثبوت ما هو أصح منه عنده ، أو ثبت عنده نسخه (٢). ولكن والحال هذه ، ستتعدّد الفتاوى والأحكام الشرعية وتتعارض فيما بينها ، تَبَعاً لثقة المجتهد بالحديث أو عدم ثقته ، فلو كان الحديث النبوي قد صدر حقاً من الرسول صلىاللهعليهوآله ، فإن الحكم الشرعي الذي يعتبر الحديث صحيحاً ، سيكون أقرب صحة من الأحكام الشرعية الأخرى التي تعتبر الحديث حسناً ، أو ضعيفاً ، أو مطعوناً فيه ، أو منقطعاً أو منسوخاً ، وهو في الحقيقة ، غير منسوخ ولا ضعيف ولا منقطع ، بل ربما كانت الفتوى أو الحكم الشرعي ، غير شرعي تماماً ، ولا تنطبق عليه صفة الشرعية ، لفقدان الاساس الذي يستند اليه وهو الحديث الصحيح الذي جاء عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، ومصدر كل هذه الإشكالات عدم تدوين الحديث النبوي في وقته المناسب ، وذلك عندما فُرض طوق على الحديث من خلال منع تدوينه أو التحدّث به بحجة الخوف من تداخله مع القرآن الكريم.
فهل كان الامام الشافعي معذوراً عندما توقَّف في كثير من المسائل ، ولا يدري ما الجواب الشرعي فيها؟
__________________
(١) المذاهب الفقهية : ٩١.
(٢) المصدر السابق.