خلع عثمان بن عفّان بعد اليأس من إصلاحه ، وإختيار أحد الصحابة المعروفين بالصلاح والكفاءة ، أبى عثمان وقال بأنه لا يخلع قميصاً قمّصه الله تعالى به ، وادّعى بأن الرسول قد نصحه بعدم الرضوخ للمنافقين الذين يبغون تنحيته عن الحكم ، ويقيناً ان ادعاء الخليفة الثالث كان مجرّداً من المصداقية والمنطق السليم ، لأن تبوّأه للحكم إنما جاء بفعل اختيار هيئة الشورى التي حدّد معالمها الخليفة الثاني ، ثم انّه أخلّ بأهم شرط وضعه عمر بن الخطاب وممثله عبد الرحمن بن عوف وهو : وجوب عدم تسليط بني أمية على رقاب المسلمين ، وكذلك اتّباع سيرة النبي صلىاللهعليهوآله وسُنّة الخليفتين الأول والثاني ، وهو من هذه الناحية ، لم ينفّذ هذه ال شروط ، وبالتالي فقد كان المسلمون في حلّ من بيعتهم له.
ثم ان الذين دعوا الخليفة الى خلع نفسه ، كانوا قد استنفدوا كل الحلول الأخرى المطروحة ، خاصة بعد أن أقرّ عثمان بأخطائه وخطاياه ، ثم لم يفِ بوعوده أبداً.
وهؤلاء الذين يدعوهم الخليفة عثمان بالمنافقين حسب زعمه ، جلّهم من المهاجرين والانصار والصحابة الكبار ، وعلى رأسهم طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة. أما تبرير الخليفة لاصطفائه بني أمية والعبث بأموال المسلمين بحجة صلة الرحم وان الرسول صلىاللهعليهوآله كان يصل بني هاشم وأهل بيته من الخمس ، وكذلك قيام الخليفة الاول والثاني بوصل رحمهما من ذوي قرباهما ، فهي حجة واهية لا تقوم على دليل أبداً ، لأن الرسول صلىاللهعليهوآله إنما عيّن الخمس لذوي قرباه بناء على الأمر الالهي وطبق الآية الكريمة : وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ... (الانفال ٤١) ، وذلك لأن الله حرّم على بني هاشم أخذ الصدقة ، أما الخليفتان أبو بكر وعمر فلم يذكر التأريخ أنهما استأثرا بأحد من