فهزموه ، وقتلوا جمعاً كثيراً من المسلمين ، وفرّ أبو بكر ، فساء رسول الله ذلك (١).
موقف الرسول من أبي بكر
لم يكن موقف الرسول صلىاللهعليهوآله ـ في كثير من الأحيان ـ إيجابياً من أبي بكر ، وانما كان «سلام الله عليه» يتخذ مواقف منه لا تنسجم والقداسة التي يضفيها الجمهور على صحابي كبير كأبي بكر الذي أصبح فيما بعد ، الخليفة الاول للمسلمين :
فعندما صلى رسول الله على قتلى أُحد ، وقال : انا أنا هؤلاء شهيد ، تأثّر أبو بكر الذي فرّ من المعركة ـ كما هو معروف ـ فقال : أليسوا إخواننا ، أسلموا كما أسلمنا ، وجاهدوا كما جاهدنا ، قال الرسول : بلى ، لكنه صلىاللهعليهوآله لم يشهد عليه كما شهد على هؤلاء ، وانما قال له : بأنه لا يدري ما سيحدث هو والآخرون من الصحابة ، بعده ، مما جعل أبا بكر يبكي لهذا الردّ القاسي من الرسول (٢).
ومعنى سيحدثون من بعده ، أي سيبتدعون من أمور وأحكام تخالف سُنّته صلىاللهعليهوآله وتعاليمه التي بعثه الله تعالى من أجل تطبيقها (٣) ، واذا كان الرسول مطمئناً بأن أبا بكر لا يحدث بعده ، لقال له : بأني سأكون عليك شهيداً مثل هؤلاء؟
جاء نفر من قريش الى النبي صلىاللهعليهوآله ، وتكلّموا معه ، وقالوا له بأنهم جيرانه وحلفاؤه ، بخصوص أناس من عبيدهم قد أتوا المسلمين ، ليس بهم رغبة في الدين ، طلبوا منه صلىاللهعليهوآله أن يردّهم اليهم ، فأشار النبي على أبي بكر أن يعلن رأيه في هذا
__________________
(١) تخريج الاحاديث والآثار ٢ : ٦٢ ؛ الكشاف عن حقائق التنزيل ٢ : ١٨٢.
(٢) الموطأ ٢ : ٦٢ ، باب ما تكون فيه الشهادة.
(٣) كتاب المغازي ١ : ٣١٠.