يستشير الصحابة أو خيارهم ، فإن أجمع رأيهم على شيء ، قضى به (١) ، وفي بعض الاحيان ، اذا واجهت أبا بكر قضية ، لم يجد لها في كتاب الله اصلاً ، ولا في السُنّة اثراً ، اجتهد برأيه فيقول : ان كان صواباً فمن الله ، وان كان خطأ فمنه ، ويستغفر الله (٢).
وكثيراً ما يُسأل أبو بكر عن أمور ومسائل ، فيعجز عن الجواب. فمثلاً سُئل مرّة ، عن معنى الكلالة ، فقال فيها برأيه ، فإن كانت صواباً فمن الله ، وان كانت خطأ فمنه ومن الشيطان (٣).
وذات يوم جاء رجلاء الى أبي بكر ، وطلبا منه أرضاً سبخة عندهما ، فلم يكن يعلم إن ذلك له أم ليس له؟ فأقطعمها إياها ، وكتب لهما بذلك كتاباً (٤).
وعندما أتت جدتان أبا بكر ليطلبا ميراثهما ، فأعطى الميراث لأمّ الأمّ (دون أم الأدب) فقال صحابي كبير كان حاضراً : أعطيت التي لو أنها ماتت لم يرثها ، فتراجع وقسّمه بينهما (٥).
وبهذا فالخليفة الاول لم يكن من فقهاء الصحابة أبداً ، وانما كان جاهلاً بالكثير من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة ، فهو بذلك يعتمد على الآخرين ، وعندما يقع في حرج ، قد يفتي من عند نفسه من خلال الرأي المحض ، سواء أصاب الحق أم أخطأه ، وربما مضى على الخطأ والزلل إذا لم يسعفه أحد في اللحظة الحرجة ، كقطعه
__________________
(١) السنن الكبرى ٦ : ٢٣٤ ؛ سنن ابي داود ٢ : ٥.
(٢) سنن الدارمي ٢ : ٣٦٥.
(٣) سنن الدارمي ٢ : ٣٦٥ ؛ التمهيد ٥ : ١٩٧ ؛ كنز العمال ١١ : ٧٩.
(٤) الدر المنثور ٣ : ٢٥٢ ؛ السنن الكبرى ، البيهقي ٧ : ٢٠ ؛ الاصابة ٤ : ٦٤٠.
(٥) سنن الدارقطني ٤ : ٥١ ؛ السنن الكبرى ٦ : ٢٣٥ ؛ المصنف ـ الصنعاني ١٠ : ٢٧٥ ؛ الاستذكار ٥ : ٣٤٨ ؛ الاستيعاب ٢ : ٨٣٦.