أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من
قبلكم : سمعنا وعصينا .
وهنا يبدو الصحابة في موقف غريب منهم ،
فهم بدلاً من استقبال الأمر برحابة صدر وإعلان استعدادهم لتقبل الأوامر الالهية ،
يحتجون على انهم لا يطيقونها ، بحيث عاتبهم الرسول ووبخهم وحذّرهم من عصيان الله.
ان هذه النماذج التي أوردتها ليست إلا
أمثلة قليلة على العلاقة المتبادلة بين رسول الله صلىاللهعليهوآله
وصحابته ، وهي توضّح ـ بجلاء ـ الموقف السلبي للطرفين ، كل من الآخر ، بحيث لا
يمكننا بأي حال ، أن نصف الصحابة كفئة ذات خصائص عالية جداً تتفوّق على غيرها من
فئات المسلمين ، وتتميز بالطاعة العمياء للرسول ، وانها رهن إشارته لأنها الصفوة
المختارة من الناس لتبليغ الدين عنه صلىاللهعليهوآله.
بعد كل هذه ا لحقائق الناصعة ، كيف يحق
لنا أن نساوي بين الصحابة الأجلاء الذين كانوا مطيعين لأوامر القرآن والرسول صلىاللهعليهوآله ومُبجّلين لشخصيته
المباركة ، بحيث لم يُعرف عنهم غير المسارعة في تنفيذ ما يملي عليهم رسول الله من
أوامرٍ ونواهٍ ، والمشاركة الفاعلة في غزوات وحروب الاسلام ضد الكفر ، وعدم الفرار
من الزحف والمقاومة حتى الاستشهاد في سبيل الله ، ولم يُعرف عنهم ارتكاب أي خطايا
أو موبقات ، وبين صحابة ضعاف الايمان ، أو من المنافقين والمؤلفة قلوبهم ، الذين
أسلموا بلسانهم دون قلوبهم ، والذين طالما طعنوا بالرسول ، وخالفوا أوامره ،
وفرّوا من القتال ، وشكّكوا بمواقفه وسلوكه ، واقترفوا شتى الذنوب والكبائر ،
وتناولوا الخمر وغيره ... كيف يصبح جميع الصحابة عدولاً يا ترى؟ ولديهم حصانة ضد
الكذب على الرسول صلىاللهعليهوآله
، مع انه حذّرهم من الكذب عليه ، والذي يعصي الرسول ويشكّك فيه ،
__________________