تحذيرا للناس من إيقاع الطلاق على وجه مغاير للسنّة ، فإن السنّة أن تطلّق المرأة في أوقات مختلفة ، فإذا تجرّأ أحد على تطليقها دفعة واحدة فقد خالف السنّة ، وجزاؤه أن يعامل بقوله زجرا له (١).
وناقش ابن حزم الأندلسي فيما أخرجه النسائي عن طريق مخرمة ، عن أبيه بكير بن عبد الله بن الأشجّ ، أنه سمع محمود بن لبيد ... الخ بأن خبر محمود مرسل لا حجة فيه ، وأن مخرمة لم يسمع من أبيه شيئا.
وكذا ناقش فيما أخرجه مسلم ، عن طريق محمد بن رافع ، بإسناده إلى ابن عباس ، بجهالة ابن رافع هذا (٢).
أما محمود بن لبيد فزعموا أنه لم تصحّ له رؤية ولا سماع من النبيّ ؛ لأنّه كان طفلا لم يبلغ الحلم يومذاك.
لكن ذكر الواقدي وغيره : أنه مات سنة ست وتسعين ، وهو ابن تسع وتسعين سنة ، قال ابن حجر : على هذا يكون له يوم مات النبيّ ثلاث عشرة سنة ، وهذا يقوي قول من أثبت الصحبة ، وهو قول البخاري. ومن ثمّ قال ابن عبد البرّ : قول البخاري أولى ، يعني في إثبات الصحبة ، وهو الذي روى أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أسرع يوم مات سعد بن معاذ حتّى تقطّعت نعالنا. قال الترمذي : رأى النبيّ وهو غلام صغير (٣).
قلت : لا يقلّ هذا عن ابن عباس الذي كان يوم مات النبيّ ابن ثلاث عشرة سنة
__________________
(١) الفقه على المذاهب ، ج ٤ ، ص ٣٤١ ـ ٣٤٢.
(٢) المحلّى ، ج ١٠ ، ص ١٦٨.
(٣) تهذيب التهذيب ، ج ١٠ ، ص ٦٥ ـ ٦٦.