آياتِ اللهِ هُزُواً)(١) ، فإن معناه : التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع ، والإرسال مرة واحدة. ولم يرد بالمرتين التثنية ، ومثله قوله تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ)(٢) أي كرّة بعد كرّة ، لا كرّتين اثنتين. ومعنى قوله : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ)(٣) تخيير لهم ـ بعد أن علّمهم كيف يطلّقون ـ بين أن يمسكوا النساء بحسن العشرة ـ وهو الرجوع إليها ـ وبين أن يسرّحوهنّ السراح الجميل الذي علّمهم. والحكمة في التفريق ما يشير إليه قوله تعالى : (لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) أي قد يقلب الله تعالى قلب الزوج بعد الطلاق ، من بغضها إلى محبّتها (٤).
وهكذا روى أصحاب السنن : أن ركانة طلّق امرأته ثلاثا في مجلس واحد ، فحزن عليها وندم ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وذكر ندمه وحزنه الشديد على ذلك ، فسأله رسول الله : كيف طلّقتها ثلاثا؟ قال : في مجلس واحد! فقال رسول الله : إنما تلك واحدة فارجعها إن شئت ، فراجعها.
وفي حديث ابن عباس : أن عبد يزيد طلّق زوجته وتزوّج بأخرى ، فأتت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فشكت إليه. فقال النبيّ لعبد يزيد : راجعها ، فقال : إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله. قال : قد علمت ، راجعها ، وتلا : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ)(٥).
قال أبو داود : أنّ ركانة طلّق امرأته البتّة (أي الثلاث البائن) فجعلها
__________________
(١) البقرة / ٢٢٩ ـ ٢٣١.
(٢) الملك / ٤.
(٣) البقرة / ٢٢٩.
(٤) هامش النسائي ، ج ٦ ، ص ١١٦ ، الطّلاق / ١.
(٥) سنن البيهقي ، ج ٧ ، ص ٣٣٩.