قال : وكلّ ما أخذ عن الصحابة فحسن متقدم. (١)
وأما حديث عائشة ـ فضلا عن تكلم ابن جرير وابن عطية وغيرهما في تأويله وضعف سنده ـ فالأرجح في تأويله : أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يفسّر لهم القرآن أعدادا فأعدادا ، كل فترة عددا خاصا حسبما كان جبرئيل يعلّمه عن الله ـ جلّ جلاله ـ ولم يكن التعليم فوضى من غير انتظام. وسيوافيك حديث ابن مسعود في ذلك : كان الرجل منا إذا تعلّم عشر آيات ، لم يجاوزهنّ حتى يعرف معانيهنّ.
قال صاحب كتاب المباني : وأما ما روي عن عائشة ، فإن ذلك يدل على أنه عليهالسلام كان يحتاج مع ما أنزل عليه من القرآن إلى تفسير آيات يعلّمهن إياه جبريل عليهالسلام وتلك آيات معدودة قد أجملت فيها أحكام الشريعة ؛ بحيث لا يوقف عليه إلّا ببيان الرسول عن الله تعالى.
وأما ما ذكروه من امتناع من امتنع من القول في التفسير ، فإن ذلك بمنزلة من امتنع منهم عن الرواية عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا فيما لم يجد فيه بدّا.
ولذلك قلّت روايات رجال من أكابر الصحابة ، مثل عثمان وطلحة والزبير وغيرهم. روى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : قلت للزبير : ما لي لا أسمعك تحدّث عن رسول الله ، كما أسمع ابن مسعود وفلانا وفلانا؟ فقال : أما إنّي لم أفارقه منذ أسلمت ، ولكنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار».
وقيل لربيعة : إنا لنجد عند غيرك من الحديث ما لا نجد عندك! فقال : ما عندهم شيء إلّا وقد سمعت منه ، ولكني سمعت رجلا من آل الهدير يقول :
__________________
(١) مقدمة ابن عطية لتفسيره الجامع المحرّر ، المطبوعة مع مقدمة المباني ، ص ٢٦٢ ـ ٢٦٣.