وروي عنه أنه قال : أدركتهم ـ أي الأوائل ـ وما شيء أبغض إليهم أن يسألوا عنه ولا هم له أهيب ، من القرآن. ذكره صاحب كتاب المباني.
ورووا في ذلك بطريق ضعيف عن عائشة ، قالت : ما كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يفسّر شيئا من القرآن إلّا آيا تعدّ ، علّمهنّ إياه جبريل (١) ، أي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن يفسّر إلا القلائل من الآيات ، تلك القلائل أيضا كان بوحي وتوقيف ، ولم يكن عن فهمه.
وروي عن إبراهيم ، قال : كان أصحابنا يتّقون التفسير ويهابونه.
قال ابن كثير : فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف ، محمولة على تحرّجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم فيه. فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه ؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ، ولا منافاة ؛ لأنهم تكلموا فيما علموه وسكتوا عما جهلوه. وهذا هو الواجب على كل واحد ، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم به ، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه ؛ لقوله تعالى : (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ)(٢).
وبعين ذلك ذكر ابن تيميّة في مقدمته (٣).
وقال ابن جرير الطبري : إن معنى «إحجام» من أحجم عن القيل في تأويل القرآن وتفسيره من علماء السلف ، إنما كان إحجامه عنه حذرا أن لا يبلغ أداء ما كلّف من إصابة صواب القول فيه ، لا على أن تأويل ذلك محجوب عن علماء
__________________
(١) الطبري ، في التفسير ، ج ١ ، ص ٢٩. ومقدمة كتاب المباني في نظم المعاني ، ص ١٨٣ ـ ١٨٤.
(٢) تفسير ابن كثير ، ج ١ ، ص ٦. وآل عمران / ١٨٧.
(٣) مقدمته في أصول التفسير ، ص ٥٥.