قلت في كتاب الله ما لا أعلم» (١).
وهكذا روي عن عمر أنه جعل التكلم في الآية تكلّفا يجب تركه وإيكاله إلى الله ، أخرج السيوطي بعدّة أسانيد أن عمر قرأ على المنبر : (فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً) ـ إلى قوله ـ (وَأَبًّا) قال : كل هذا قد عرفناه ، فما الأبّ؟ ثم رفض عصا كانت في يده ، فقال : هذا لعمرو الله هو التكلّف ، فما عليك أن لا تدري ما الأبّ ، اتّبعوا ما بيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربّه (٢).
وعن عبيد الله بن عمر قال : لقد أدركت فقهاء المدينة ، وأنّهم ليعظّمون القول في التفسير ، منهم سالم بن عبد الله ، والقاسم بن محمد ، وسعيد بن المسيّب ، ونافع. وعن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت رجلا يسأل سعيد بن المسيّب عن آية من القرآن ، فقال : لا أقول في القرآن شيئا. وفي رواية أخرى : أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال : أنا لا أقول في القرآن شيئا ، وكان لا يتكلم إلّا في المعلوم من القرآن. قال يزيد : وإذا سألنا سعيدا عن تفسير آية من القرآن ، سكت كأن لم يسمع ..
وعن ابن سيرين ، قال : سألت عبيدة السلماني عن آية ، قال : عليك بالسّداد ، فقد ذهب الذين علموا فيم أنزل القرآن.
وجاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله ، فسأله عن آية من القرآن ، فقال له : أحرج عليك إن كنت مسلما ، لمّا قمت عنّي ، أو قال : أن تجالسني.
وروي عن الشعبي ، قال : ثلاث لا أقول فيهنّ حتى أموت : القرآن ، والرّوح ، والرأي ، وكان يقول : والله ما من آية إلّا قد سألت عنها ، ولكنها الرواية عن الله.
__________________
(١) الدر المنثور ، ج ٦ ، ص ٣١٧.
(٢) المصدر نفسه ، والطبري ، ج ٣٠ ، ص ٣٨ ـ ٣٩.