أحمد بن حنبل والبزار ومعجم الطبراني وغيرهم ، كثير من ذلك. ثم إنّ محمد بن جرير الطبري (١) جمع على الناس أشتات التفاسير ، وقرّب البعيد ، وكذلك عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، وأضرابهم (٢).
قال جلال الدين السيوطي : وكتاب ابن جرير الطبري أجلّ التفاسير وأعظمها ، ثم ابن أبي حاتم ، وابن ماجة ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبو الشيخ بن حيّان ، وابن المنذر ، في آخرين. وكلها مسندة إلى الصحابة والتابعين وأتباعهم ، وليس فيها غير ذلك. إلّا ابن جرير ، فإنّه يتعرّض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض ، والإعراب والاستنباط ، فهو يفوقها بذلك.
ثم قال : فإن قلت : فأيّ التفاسير ترشد إليه ، وتأمر الناظر أن يعوّل عليه؟
قلت : تفسير الإمام أبي جعفر ابن جرير الطبري ، الذي أجمع العلماء المعتبرون على أنه لم يؤلّف في التفسير مثله. قال النوري ـ في تهذيبه ـ : كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنّف أحد مثله.
قال : وقد شرعت في تفسير جامع لجميع ما يحتاج إليه ، من التفاسير المنقولة ، والأقوال المقولة ، والاستنباطات ، والإشارات ، والأعاريب ، واللغات ، ونكت البلاغة ، ومحاسن البدائع وغيره ، ذلك بحيث لا يحتاج معه إلى غيره أصلا ، وسمّيته بمجمع البحرين ومطلع البدرين. وهو الذي جعلت هذا الكتاب (الإتقان) مقدمة له. والله أسأل أن يعين على إكماله ، بمحمد وآله (٣).
__________________
(١) أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري قال الذهبي : الإمام الجليل المفسر ، ثقة صادق ، فيه تشيّع يسير ، وموالاة لا تضرّ. (ميزان الاعتدال ، ج ٣ ، ص ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ، رقم ٧٣٠٦)
(٢) البرهان للزركشي ، ج ٢ ، ص ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٣) الإتقان ، ج ٤ ، ص ٢١٢ ـ ٢١٤.